رسالة الملك ومسؤولية الجزائر





 

رسالة الملك ومسؤولية الجزائر

AZIZ IDAMINE

 

 

وجه الملك محمد السادس رسالة  خطية قوية الى الامين العام للامم المتحدة السيد أنطونيو غوتريس، سلمها له وزير الخارجية ناصر بوريطة، على إثر الاعتداءات التي قامت بها جبهة البوليزاريو في المنطقة العازلة، وجاء فيها : "تتحمل الجزائر مسؤولية صارخة. إن الجزائر هي التي تمول، والجزائر هي التي تحتضن وتساند وتقدم دعمها الدبلوماسي للبورليساريو".

للتذكير، فإن ساكنة مخيمات تندوف تخضع لقواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف المعنية بشؤون اللاجئين لسنة 1951. هذه الاتفاقية التي تحمل الدولة الطرف (الجزائر) مسؤولية حماية كل المتواجدين على ترابها، حيث تنص المادة الثانية من الاتفاقية "على كل لاجئ إزاء البلد الذي يوجد فيه واجبات تفرض عليه، خصوصا، أن ينصاع لقوانينه وأنظمته". وتضيف الفقرة الأولى من المادة 7 "حيثما لا تنص هذه الاتفاقية على منح اللاجئين معاملة أفضل، تعاملهم الدولة المتعاقدة معاملتها للأجانب عامة." 
واللاجئ يخضع للقوانين الجاري بها العمل فيما يتعلق بالحقوق الأساسية، كالأحوال الشخصية وفق المادة 12 التي تنص على أن "تحترم الدولة المتعاقدة حقوق اللاجئ المكتسبة والناجمة عن أحواله الشخصية، ولا سيما الحقوق المرتبطة بالزواج، على أن يخضع ذلك عند الاقتضاء لاستكمال الشكليات المنصوص عليها في قوانين تلك الدولة." 
كما يخضع اللاجئ لنفس المعاملة القانونية للدولة الطرف (الجزائر) في ما يتعلق بنقل الأموال والحقوق الفنية والملكية الصناعية وبتأسيس الجمعيات غير السياسية وغير المستهدفة للربح والنقابات المهنية، وتمنح له أفضل معاملة ممكنة في نفس الظروف لمواطني بلد أجنبي
اللاجئ يستفيد أيضا من حق آخر يعتبر عصب حقوق اللاجئين ألا وهو الحق في التقاضي أمام المحاكم، وفق المادة 16 من نفس الاتفاقية التي تنص على أن "يكون لكل لاجئ، على أراضي جميع الدول المتعاقدة، حق التقاضي الحر أمام المحاكم وأن يتمتع كل لاجئ، في الدولة المتعاقدة محل إقامته المعتادة، بنفس المعاملة التي يتمتع بها المواطن من حيث حق التقاضي أمام المحاكم، ...". 
كما أن الدولة الطرف في اتفاقية جنيف لسنة 1951 مسؤولة عن النظام التعليمي، والصحي والتنقل وغيرها من الحقوق المنصوص عليها... 
التذكير بهذه الحقوق المكفولة للاجئين هي جوهر وأساس وضعية حقوق اللاجئين في بلد ما وإلا أصبح في عيابها "محتجزا، كون الجزائر هي المسؤولة والضامنة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف.
والحديث عن"دولة" بما تحمل الكلمة من معنى مؤسساتي وتشريعي، داخل دولة أخرى أو فوق أراضيها،  غير موجود على مستوى القانون الدولي، وهو محاولة تهريب المسؤولية المباشرة والوحيدة للدولة الجزائرية في حماية حقوق المتواجدين على ترابها إلى كيان وهمي آخر غير خاضع لأي مسؤولية دولية
وفي هذا الصدد نذكّر بالقرار الصادر عن لجنة القانون الدولي في دورتها الـ 53، والمعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 56 بتاريخ 26 نونبر 2001، والمتعلق بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليا، حيث اعتبر هذا القرار أن الدول مسؤولة عن أي تصرف غير مشروع دوليا يقوم فوق ترابها، وهذه التصرفات قد تمارس من قبل أجهزة الدولة القضائية أو التنفيذية أو التشريعية، أو من قبل جهاز أو كيان لا يشكل جزءا من الدولة، ولكن الدولة تسمح له وترخص له ممارسة تلك التصرفات فوق ترابها (المادة 5 من القرار). 
وتضيف المادة 7 من القرار نفسه "يعتبر فعلا صادرا عن الدولة بمقتضى القانون الدولي تصرف جهاز من أجهزتها أو شخص أو كيان مخول له صلاحية ممارسة بعض اختصاصات السلطة الحكومية إذا كان الجهاز أو الشخص أو الكيان يتصرف بهذه الصفة، حتى ولو تجاوز حدود سلطته أو خالف." 
كما أن الدولة والجزائر في هاته الحالة، مسؤولة عن الأفعال الصادرة عن شخص أو مجموعة الأشخاص يمارسون في الواقع بعض اختصاصات السلطة الحكومية في غياب السلطات الرسمية أو في حالة عدم قيامها بمهامها وفي ظروف تستدعي ممارسة تلك الاختصاصات، وفق المادة 9 من نفس القرار
ونحيل أيضا على رأي دائرة الاستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في قضية تاديتش، والمنشور في المجلة الدولية للصليب الأحمر عدد 839 لسنة 2000، والتي قدمت اجتهادا للمادة الثالثة من اتفاقية لاهاي يفيد أن الدولة مسؤولة عن أي من الأفعال المرتكبة من قبل أي منظمة عسكرية قامت الدولة بتدريبها أو تمويلها
بالعودة الى الرسالة الملكية فإن المسؤولية الدولية لاستفزازت عناصر البوليزاريو تقع على عاتق الدولة الجزائرية، لان  القانون الدولي بشقيه ( حقوق الإنسان والقانون الإنساني)، ينص على أن مسؤولية الدول هي أساس العلاقات والمعاملات الدولية وفق مبدأ "قواعد تنظم المسؤولية الدولية عن الأعمال غير المشروعة.
إن  المنتظم الدولي مدعو للانتباه إلى مسؤولية الدولة الجزائرية على كل الأفراد المتواجدين على أراضيها، وأن المغرب كدولة قائمة الذات وذات سيادة وتاريخ ومؤسسات عريقة، لا يمكن أن يتعامل إلا مع دولة من نفس الوزن والتراتبية، ولن يتعامل مع أقل من ذلك سواء كانوا ميلشيات مسلحة أو مجموعات سياسية وعرقية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

الرجة الثورية العربية على ضوء نظريات الثورات والاحتجاجات لعبد الحي مودن