هل كانت "العجلة" ضرورية في مجلس الصحافة؟



هل كانت "العجلة" ضرورية في مجلس الصحافة؟

أجريت انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة بالمغرب يوم الثاني والعشرون من هذا الشهر وفق ما أعلنت عنه سابقا لجنة الاشراف المعنية بهذا الاستحقاق وفق القانون رقم 13.90 المنظم لهذه المؤسسة، وهي انتخابات سبقتها ملاحظات عديدة لفاعلين حقوقيين وهيئات مدنية وشبابية، حول منهجية عمل اللجنة المشرفة والتي اتسمت بالسرية والكتمان وغياب الشفافية والوضوح في عملها، وقد أكد على ذلك البلاغ المشترك بين  النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام وَالإتصال (إتحاد المغربي للشغل)، والصادر بتاريخ 16 ماي حيث سجل فيه "اعتبار النقابتين لمحطة انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، ورغم تسجيلهما لعدة شوائب ونواقص صاحبت مختلف مراحل إخراج المجلس الوطني للصحافة والتسرع الذي طبع عملية الإشراف على المشروع...."، مع العلم أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تتحمل كامل المسؤولية في هذه الملاحظات باعتبار أنها عضوة لجنة الاشراف بناء على المادة 54 من القانون، إذ شاركت فيها من البدايات الى الان، على أساس أن لجنة الاشراف ستستمر الى غاية تنصيب المجلس المقبل.
ومع ذلك يحق طرح مجموعة من الاسئلة، هل كان ضروريا أن تجرى الانتخابات على عجل؟ وما الغاية منها؟
طرح السؤال يجد مبرره، في كون أعضاء المجلس الوطني للصحافة يتكون من 7 أعضاء يمثلون الصحفيات والصحفيين، و7 يمثلون الناشرات والناشرين، و7 يمثلون بعض المؤسسات، والثلث الأخير، جزء منه لازال عالقا، فالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية لم يتم تنصيبه به، واتحاد كتاب المغرب لم يعقد مؤتمره بعد رغم مرور أزيد من ثلاث سنوات على انتهاء ولايته القانونية، وما وقع بمدينة طنجة يوم 23 يونيو بخصوص تأجيل مؤتمر الى ستة أشهر بسبب ادعاء مجموعة من أعضائه بتورط بعض قيادته الحالية في ملفات الفساد المالي وسوء التدبير، فإنه يشير على صعوبة أن يحسم مكتبه التنفيذي في ممثله حاليا، وأخيرا فالمجلس الوطني لحقوق الانسان انتهت ولايته القانونية والدستورية منذ سنوات ويشتغل بناء على أحكام انتقالية يمارسها رئيسه وأمينه العام، وسيكون من غير المحمود أن يمثله داخل  المجلس الوطني للصحافة من الجهاز الإداري لان المنطق الديمقراطي والحقوقي أن يمثل بأعضائه لا بموظفيه.
مما يجعلنا نتوقع تأجيل تنصيب المجلس الوطني للصحافة إلى غاية استكمال تنصيب أو إعادة تنصيب المؤسسات الأخرى وعقد المؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب، ليطرح السؤال من جديد ألم يكن من الاجدر التريث والنقاش الهادئ والرزين لاخراج المجلس بصيغ أكثر ديمقراطية وشفافية وتعددية؟
سؤال اخر، يتعلق بنسبة المشاركة المعلنة من قبل لجنة الاشرافي هي  43.3% ، وهي نسبة ضعيفة جدا جدا، تدق ناقوس الخطر في ثقة الجسم الصحفي في مؤسساتهم، فهذه النسبة لا يمكن مقارنتها أو قرأتها بمنطق الانتخابات التشريعية أو الجماعية التي يشارك فيها ملايين من المغاربة، بل تقتضي قرأتها في جسم انتخابي محدود في حدود 2300 صحفي. فهذه النسبة يجب أن تقرأ على ضوء انتخابات الهيئات المهنية كالمحاماة والأطباء والمهندسين ...
تجاوزا، لهذه الاشكالات المسطرية، وعطفا على شرعية ممثلي الصحفيين و الناشرين، سواء انتخابيا، أو الرأسمال النضالي والمهني لهم، فالمطلوب اليوم هو الفعالية والنجاعة لترميم مخلفات الاعداد والانتخابات، وعلى رأس هذه التحديات:
أولا: التقييد بشكل مطلق باحترام قواعد وضوابط وأخلاقيات المهنة، فالحقل الإعلامي يصب يوميا في الفضاء العمومي سموما تمسح الحريات الخاصة والحياة الخاصة للافراد، ومنها من يلجأ للسب أو الكذب بهدف خلق BUZ أو تصفية حسابات شخصية وذاتية.
ثانيا: الحرص على جعل المهنة للمهنيين، وأن لا تكون مهنة من لا مهنة له، وتنقيتها من الدخلاء والغرباء، سواء كانوا أشخاص ذاتيين أو معنويين.
ثالثا: المساهمة في التشريعات ذات الصلة، سواء المعنية بشكل مباشر بعمل الصحفي أو التي تتقاطع في مع هذه المهنة.
 رابعا: تتبع وتقييم السياسة الإعلامية في بلادنا، لنقلها من مجال قطاعي صرف إلى مجال سياسة وطنية مندمجة.
وأخيرا، فالمجلس الوطني للصحافة أمام رهان كبير، لانه في لحظة تأسيسية، ويتطلب منه المجهود المضاعف، فقديما قيل "قاضي جيد وقانون سيء، أفضل قانون جيد وقاضي سيء" وهي مقولة تصلح في عالم الصحافة والنشر.


AZIZ IDAMINE

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين