خروقات المجلس الوطني لحقوق الانسان




خروقات المجلس الوطني لحقوق الانسان
**عزيز إدمين
Aziz IDAMINE

تم تعيين أعضاء المجلس الوطني لحقوق الانسان بحر الأسبوع الماضي، وقد أثيرت تشكيلته العديد من ردود الفعل المستغربة لوجود بعض الأسماء التي ارتبطت بملفات الفساد المالي، وأسماء أخرى لا تربطها بعالم حقوق الانسان أي رابطة.
ومن موقع المتتبع، ننبه لعدة خروقات قانونية عرفتها عملية التعيين.
نصت المادة 45 من القانون رقم 76.15 صراحة أن تعيين رؤوساء اللجن الجهوية، يقتضي تشاور رئيسة المجلس مع أعضاء الجمعية العامة، وهو ما لم يتم.
وللإشارة فإن أعضاء المجلس يمكن تقسيمهم إلى أربعة مستويات من الناحية البيداغوجية، الرئيسة، ثم الأمين العام، حيث خصص القانون لهما مكانة خاصة، ثم المستوى الثالث وهم أعضاء المجلس المقترحين من مختلف المؤسسات، وأخيرا رؤوساء اللجن اللجهوية، حيث هؤلاء رغم أنهم أعضاء الجمعية العامة إلا أنهم ليسوا أعضاء مكتب المجلس وفق المادة 49 من القانون، إلا عند الاقتضاء، مما يجعل أن المشرع أفرد لهم وضع بهم.
إن المنطق السليم، يقتضي أن يتم بعد تعيين الرئيسة، تعيين باقي الأعضاء، وبعدها يعقد اجتماع للجمعية العامة من أجل التشاور حول رؤوساء اللجن الجهوية، ليتم تعيينهم بظيهر مستقل.
وقد أثر هذا الخرق القانون على عملية تسليم المهام بين رؤوساء اللجن الجهوية السابقة والجدد، إذ أشرف عليها موظفون إداريون، سماهم أحد المواقع الاليكترونية بموظفي الصف الثاني والثالث، وهو تجاوز سياسي كبير، فكيف لشخصيتين معينتين بظهيرين، يشرف عليها موظف إداري غير مالك للقرار السياسي ولا القرار الحقوقي، بقدر أنه مكلف بمهمة تنفيذية داخل الجهازي الإداري.
ونستشف هذا الخرق من خلال المادة 51 من القانون التي تسمح بتفويض الاختصاص فقط للأمين العام أو عضو من أعضاء المكتب.
إن عملية تسليم المهام بين رؤساء اللجن الجهوية بقدر ما هي عملية بروتوكولية بقدر ما هي عملية سياسية، تقتضي التعامل معها بحذر ومسؤولية، و‘لا كانت النتائج عكسية، تتبع الرأي العام انعكاسها السلبي باللجنة الجهوية بالعيون.
من الخروقات التي عرفتها عملية تعيين أعضاء المجلس الوطني لحقوق الانسان، وتتمثل في ممثل الصحفيين داخل المجلس، فالمادة 36 في فقرتها الثانية واضحة تماما، بكون ممثل عن الصحفيين المهنيين، إلا أنه التعيين تم لاحد الناشريين والمدراء، فالعودة للظهير السابق رقم 1.11.19 فإنه نص على نفس المقتضى، مما جعل التمثيلية السابقة نابعة عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية وليس عن الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، واختيار رئاسة الحكومة مراسلة مباشرة للمجلس الوطني للصحافة يقتضي أن يكون ممثل الصحفيين المهنيين منبثق عن احد الأعضاء السبعة الذين "اختارهم" الصحفيين وليس ممثلا للناشرين داخل مجلس الصحافة، وإلا في حالة هاته سيكون من الطبيعي مرة أخرة أن يتم اختيار ممثل اتحاد كتاب المغرب أو عضو أحد مؤسسات الحكامة داخل المجلس ممثلا للصحفيين.
إن خرق تمثيلية الصحفيين المهنيين خطأ كبير يجعل الصحفيين غير ممثلين وهو ضرب للقانون بعرض الحائط، ربما لحسابات شخصية وحزبية.
بقيت مؤسسة أخرى أثارت النقاش حول تمثيليتها، وهي مجلس الجالية المقيمة بالخارج، هذه المؤسسة المجمدة منذ سنوات، يطرح سؤال من عين ممثلها وبأي مقتضى من الظهير رقم 1.07.208 صـادر ديسمبر2007 والمتعلق بإحـداث مجلـس الجـاليـة.
في الختام، ونظرا لعدد التجاوزات القانونية والمسطرية في تعيين أعضاء المجلس الوطني لحقوق، هي مؤشر على الارتجالية والتخبط الذي عرفته هذه المحطة، والتي تحكمت فيها الحزبية بشكل مفرط في ضرب لأحد أركان معايير باريس، الناظمة لمؤسسات حقوق الانسان، وهي التعددية والتنوع، وكذلك لرهن مستقبل حقوق الانسان في المغرب إلى غاية عقود مقبلة.
كما أن مؤشر لجنة التنسيق الدولية، التي تنصف المجالس الوطني ما بين الخانة أ أو ب لم تعد مرجعا، فالمرجع هو مؤشر لجن عائلات المعتقلين ولجن ضحايا سنوات الرصاص المقصين من هذه التشيكلة، ولجن المنتهكة حقوقهم. ألم يكن المجلس الاستشاري لحقوق الانسان مصنف في خانة "أ"؟ ألم يكن المركز القومي التونسي لحقوق الانسان في عهد بنعلي مصنف في خانة "أ".؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين