طبخ اتحادي بتوابل البام

ماذا يحدث بالبيت الاتحادي؟ يأتي هذا السؤال بعد المبادرة التي قام بها ثلاثي من المكتب السياسي، وهو سؤال مؤرق، ولا يعرف جوابه إلا من عايش في دواليب البيت أو استطاع خرق الكواليس التي تعتبر بمثابة القنوات الرسمية للحزب للاتخاذ القرارات الحاسمة والإستراتيجية.
ولكن وانطلاقا من عدة متابعات تسمح لنا باقتناص بعض الترميزات داخل الحزب البوعبيدي، فالحديث عن الاتحاد الاشتراكي يجب التمييز بين فترتين أساسيتين، الأولى ما قبل التصويت على دستور 1996، والثانية بعده.
وهي اللحظة المفصلية في تاريخ الاتحاد، بقبوله بدستور مجازي، يكرس لاستمرار الدولة في احتكار السلطة والقرار السياسي، وهو دستور مليء بالألغام القانونية تنفجر في وجه كل من يقترب من الخطوط الحمراء الموضوعة سلفا، في إطار هندسة دستورية عبارة عن كابح أو صمام أمان أمام أية مفاجأة غير متوقعة من قبل الدولة.
قبول الاتحاد الاشتراكي في تسير حد ادني من الشأن العام بدون توفير شروط المشاركة، أي مأسسة المشاركة قبل المشاركةّ، جعلت من دخوله لما سمي بالتناوب التوافقي، دخول الخروج من الطبقات والفئات الشعبية التي كانت مساندة وداعمة له في محنته قبل 96.
رضا الاتحاد عن التزوير الذي رافق بدايات تجربة التناوب، جعله متورطا بشكل غير مباشر في التزوير الذي كان يقع في دواليب وزارة الداخلية على عهد البصري، الذي استمر وزيرا للداخلية حتى بعد تعيين عبد الرحمان اليوسفي وزيرا أولا. وعدم قبول الحزب رفع شعار "ارفض أن أكون برلمانيا مزورا"، وقبول شعار " أرض الله واسعة".
الاتحاد الاشتراكي اليوم، ونقولها بكل صراحة، هو قائد قاطرة اليسار المغربي بتاريخه ما قبل 96، وليس بأشخاصه ما بعد 98، الذين أصبحوا ملتصقين بكراسيهم كما يلتصق الرضيع بضرع أمه.
وأمامه فرصة تاريخية ليعود لموقعه الأصلي من خلال تقديم نقذ ذاتي تاريخي لمرحلة سياسية كان مساهما بشكل أساسي فيها، وليس بتحليلات المشاركة في الحكومة أو عدم المشاركة وفق تكلفة سياسية مرتبطة بعدد المقاعد والحقائب المحصل عليها.
أقول فرصة تاريخية الآن، وفي اللحظة الراهنة التي عجن طبخها الوافد الجديد، الذي فرض من موقعه التموقع الحقيقي لذوي النيات الحسنة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين