التموقعات على مقاس "البام"

التموقعات على مقاس "البام"
صدر لسامر أبو القاسم مقالة تحت عنوان "التصنيفات الجاهزة، وسؤال التموقع السياسي"، باليومية التي افتقدنا بصمات رئيس تحريرها على فضاءات الافتتاحية، الجريدة الأولى العدد 593 تاريخ 23 ابريل، وهي مقالة يحاول أن يخرج صلاح الوديع من عنق الزجاجة التي وضع فيها من خلال برنامج مباشرة معكم وفي نفس الوقت بعض الانتقادات لمحمد الساسي الذي كان ضيفا بنفس البرنامج. وهذا السيناريو كله بطريقة غير مباشرة.
يتحدث صاحب المقال جهود حزب الأصالة والمعاصرة على الانعكاسات الايجابية للمشهد السياسي بالبلاد، وهي انعكاسات ايجابية حقا، حيث نقت بعض الأحزاب الديمقراطية التقدمية من مجموعة أشباه السياسيين الذين لهم كانت لهم أغراض أخرى غير ماهو سياسي، وايجابي أيضا أنها أفرزت ثقافة انتهازية بين أوساط الشباب، وهي انتهازية عقلانية، توظف إمكانات مهمة في سبيل التقرب أكثر من دائرة القرار داخل الحزب.
كما يتحدث صاحب المقالة عن التقاطبات السياسية الكبرى، في بداية حديث عن تشكيل حزب الأصالة والمعاصرة بقطع غيار أحزاب موجودة في خردة التاريخ وقد أكل عنها الدهر وشرب، بدعوى تأسيس قطب ليبرالي وانقاد الحقل الحزبي من التشتت و"البلقنة"، ولكن أين هي تلك الكائنات الحزبية، لقد مدها الحزب بجرعات حياة جديدة لتخرج وليدة من جديد إلى الحقل الحزبي، فأين التجميع هنا؟ كما أن من المتعارف عليه هو بناء قطب معين يقتضي بقوة طبيعة الأشياء أن يتشكل قطب مضاد، وهذا ما كاد أو يكاد يقع، بمحاولة تشكيا أقطاب هجينة، بل وشاذة، ومنها من قامت بإعلان زواج كاثوليكي بينها.
يتحدث صاحب المقال عن أن الايجابية التي حققها حزب الأصالة والمعاصرة هي في منزه عن الحديث عن الموقع والتموقع؟ يا سلام ... إن التموقع حسب أدبيات علم السياسة يحدد إما بوظيفة الحزب أو بمرجعيته، وبالتالي فموقعه أما مع المعرضة أو الحكومة، المعارضة تقتضي معارضة حقيقية وليس معارضة شكلية على مستوى اختزال الحكومة كلها في الحزب الذي يقود الحكومة، من خلال حفلات تنكرية على مستوى البرلمان، بل معارضة تنطلق من الوحدات الاجتماعية الصغرى إلى مستوى الدولة ككل. أما الانتماء لليسار أو اليمين، فصاحنا الوديع قد أجاب في البرنامج السالف الذكر، بأنه لا يمين ولا يسار. ليخلص صاحب المقال إلى إبداع تصنيف جديد وهو التموقع "الباموي" ومن معه، وهو موقع الحداثة والديمقراطية، ومن ليس مع الأصالة فموقعه أسفل ذلك. جميل جدا.
في إشارة إلى موضع التشخيص والتحليل الذي تقوم به بعض القوى المتنورة رغم حدود إمكانياتها، يعتبر أن الحلول المقدمة لا يمكن اختزال في الإصلاحات الدستورية، نتفق ونقول معه انه لا ينبغي رهن هذا الإصلاح بالاشتراطات السياسية الظرفية، ولكن الإصلاح الدستوري حتمية ديمقراطية للمجتمع المغربي لكي يتدمقرط، ولا يمكن الارتكان إلى انتظارات تاريخية كبرى حتى نقوم بإصلاحات دستورية، بل على العكس الأجيال الجديدة من الدساتير تقوم على الليونة والتكييف مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والدولية، بالإضافة أن الإصلاح الدستوري لم يكن ولن يكون ترفا فكريا بقدر ما هو حاجة ملحة للديمقراطية في المرحلة الراهنة ولتأسيس الانتقال الديمقراطي بالمغرب.
نعم لقد نجحت الأصالة والمعاصرة في كثير من الأشياء، ولكن لن تقتل حلمنا بدستور ديمقراطي يقوم على فصل السلط وحقوق الإنسان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

الرجة الثورية العربية على ضوء نظريات الثورات والاحتجاجات لعبد الحي مودن