ماهية النظامين الدستوري والسياسي المغربيين الجزء الثاني
ثانيا: البرلمانية المغربية
إن القراءات القانونية للدساتير المغربية السابقة، تسمح لنا باستنتاج تقنينه للعبة السياسية ضمن "برلمانية معقلنة"، ومن أهم مؤشراتها هو تخصيص أبواب خاصة بالبرلمان والى أبواب أخرى تهم العلاقة بين السلط، تمكن الحكومة من التحكم في العلبة البرلمانية.
فلا يخفى على أحد تأثير التجربة الدستورية الأولى في المغرب، أي منذ دستور 1962، بدستور الجمهورية الخامسة وذلك لعدة أسباب أهمها الحماية التي كانت مفروضة على المغرب، بالإضافة إلى التقارب الجغرافي، فمن مخلفات الاستعمار هو التأثير على البنى الاجتماعية والثقافية والسياسية للدولة المستعمرة بتكريس هيمنة ثقافية وسياسية ما بعد الاستقلال، تعتبر بمثابة تبعية جديدة.
إن أهم ما تأثر به المغرب خلال مرحلة ما بعد الاستقلال هو الفلسفة التي ينبني عليها دستور الجمهورية الخامسة الذي تأسس على " برلمانية معقلنة" تقوم على تقنيات تحد من العمل البرلماني لصالح العمل الحكومي وهو ما يمكن استنتاجه في الدساتير السابقة، أنه في المغرب تعتبر الحكومة المشرع الأساسي في حين أن البرلمان مشروع ثانوي مع المبدأ العام الذي يعتبر البرلمان هو المشرع الرئيسي.
وتنطلق هذه المقالة لترصد التطور او التراجع في مجال العمل البرلماني في علاقته بالجهاز التنفيذي، وذلك على مستويين: مستوى الفلسفة البرلمانية، بطرح سؤال هل لازالت البرلمانية المعقلنة متحكمة في الهندسة الدستورية؟ وفي المستوى الثاني من خلال دراسة وسائل مراقبة البرلمان للحكومة ووسائل تدخل الحكومة في العمل البرلماني والتي يقوم عليها النظام الدستوري المغربي بمثابة توازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إيجابي، أما الجانب تقييم السياسة العمومية سكون بمثابة تصور دون الغوص في وظيفته باعتبار أو تجربة للبرلمان المغربي ولا نملك تراكم من أجل تقييمه.
I. الفلسفة البرلمانية المغربية في ضل دستور 2011
مجرد ملاحظة شكلية وإن كانت ليس مهمة، أن أكثر من ربع مواد دستور 2011، له علاقة بالبرلمان، والمواد اخرى موزعة باقي المؤسسات والمبادئ والاحكام، وفي المواد التي لها صلة بالفلسفة البرلمانية نحددها فيما يلي:
الفصل2: ينص الفصل الثاني من الدستوري الجديد على أن " السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها..."، وأهم تعديل يمس هذا الفصل يكمن في تغيير مصطلح "بواسطة ممثليها" عوض المصطلح السابق " بواسطة المؤسسات"، ويعتبر هذا التغيير تقدما كبير، حيث تم إلغاؤ جميع أنواع السيادة ما عدا تلك المنتخبة والمنبثقة عن الاقتراع العام، فسابقا كان يمكن تأويل هذا الفصل على أساس أن جميع المؤسسات يمكن أن تمتلك سيادة الأمة، يكفي أن تكون في طوق التمثلية الاسمى التي كان ينص عليها الفصل 19 سابقا، مما أعطى قوة أكبر للمؤسسات التمثيلية على جميع المؤسسات الاخرى، كما أن الفصل الثاني على ذلك من خلال الفقرة الثانية التي تنص على "...تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم." ، وبالتالي فقد حسم من خلال ذلك على مفهوم السيادة في المغرب الذي أثاره هذا الفصل عدة نقاشات بين الفقهاء الدستوريين؛
الفصل 10: وهذا الفصل وهو فصل جديد في الدستور، يتحدث عن المعارضة البرلمانية، ليس كاختصاصات أو كمؤسسات، بل كأحكام عامة ومبادئ يقوم عليها البرلمان المغربي، لذلك تم إدراجها في الباب الاول عوض باب أخر، وما لهذا من أبعاد متعددة، تتمثل إحداها في الاقرار بالمعارضة ولكن من داخل المؤسسات، ومن جهة أخرى، المعارضة البرلمانية تكون للتدبير الحكومي وليس لنظام الحكم، وبعد ثالث أن المعارضة شريك في النظام السياسي وغير منفصلة عنه، ودورها يكمن في استكمال العملية البرلمانية، بعد رابع أنه لا يمكن في يوم من الايام أن تكون لدينا حكومة وحدة وطنية أو حكومة بدون معارضة، وبعد أخر أن المعارضة تلعب دور شرعنة وإعادة شرعنة مشروعية النظام السياسي ككل...
الفصل 14: وهو الاخر فصل جديد يوجد في الاحكام والمبادئ العامة وينص على: "
للمواطنين والمواطنات، ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي، الحق في تقديم اقتراحات في مجال التشريع."، فسابقا كان المجال التشريع محتكر من قبل الحكومة من خلال مشاريع قوانين، والبرلمان من خلال مقترحات قوانين، أما الان فقد تدخل طرف ثالث وهو المواطن والمواطنة يحق لهم التقدم بمقترحات قوانين، وهذه تجربة جديدة يلج إليها العمل البرلماني المغربي، وهي مبدأ مهم يكمن في كون المواطن معني بالتشريع، وأن التمثيلية أو سيادة الامة ليس من مهامها لوحدها التشريع بل من أدوار البرلمان التمثيلية والوساطة وأيضا إحتواء المطالب والعروض التي يتقدم بها المواطن؛
الفصل 42: وهو الذي عوض بعض المفاهيم والصلاحيات التي كانت واردة في الفصل 19 السابق، والذي ينص على "... الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة..." حيث كان سابقا "...الممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها..."، فسابقا في هذا الفصل الاخير، كان مثار جدل قانوني وسياسي كبير، منذ التأويلات التي كان يعطيها له الراحل الحسن الثاني، وخاصة مع خروج البرلمانيين الاتحاديين 1981، ومع الفراغ الدستوري 1983-1984، وهلم جرا، حيث منهم من قام بعدة تأويلات التي تصب في جعلها دستور داخل الدستور، يكفي تحريك الفصل 19 لتعطيل كافة الفصول الأخرى، ومن أهم منظري هذا الفصل نجد عبد اللطيف المانوني، ومحمد المعتصم، الذي اعتبروه خزان دستوري يحل محل الدستوري في حالة وجود فراغ أو تكميل أو تبديل فصول أخرى من الدستور، ولكن في علاقة بالبرلمان، فإن النقاش كان حول مصطلح "الممثل الاسمى للامة" ، حيث اعتبر أن البرلمان يلعب دور الممثل الادنى أمام الممثل الاسمي، ووظيفتها أو اختصاصات المؤسسة التشريعية ما هي إلا مهام فوضها له الممثل الاسمى، ويحق لهذا الاخير في أي لحظة أن يسترد جميع اختصاصات البرلمان وإعادتها للاصل وهو أمير المؤمنين، واليوم مع دستور 2011، تم تغيير هذه العبارة بعبارة أن الملك هو الممثل الاسمى للدولة، وأصبح الممثل الاسمى والممثل الادنى مختزل في البرلمان، وأن الملك هو مجرد رمز وحدة الامة، ووحدة الامة لا علاقة لها بسيادة الامة، كما أنه يمكن أن يقال من خلال ذلك هو رمز سيادتها، ولكن يبقى دون الاخلال بالاحترم الواجب للتمثيلية المجسدة في البرلمان، أما في علاقة بممثل الدولة فهي في علاقة بجهاز التنفيذي وبرئيس الحكومة وهي معادلة طبيعية في كون الملك هو من يعينه وهو من يرأس المجلس الوزاري.
من خلال ما سبق يلاحظ أن البرلمان أصبح يعتبر محور ومركز التمثيلية، وينفرد بالسيادة على حساب باقي المؤسسات، كما أنه انفلت في التعبية للملك، ولكن تبقى اختصاصات البرلمان المحك الحقيقي لمدى ستقلالية وقدرات البرلمان في التشريع والرقابة.
II. السلطة التشريعية في دستور 2011
من خلال هذا المحور سوف نتطرق الى بنية البرلمان والى علاقة البرلمان بكافة المؤسسات الاخرى.
أ- بنية البرلمان:
برلمان دستور 2011، مثله مثل برلمان دستوري 1962 و1996، يتكون من مجلسين، لكن يمكن القول أنه أصبح الان يضم ثلاثة مؤسسات وهي مجلس النواب ومجلس المستشارين والمعارضة البرلمانية، حيث ينص الفصل 60 "المعارضة مكون أساسي في المجلسين، وتشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة" مما يفرض أن نخرج المعارضة من كونها مجرد أجهزة داخل المجلسين الى مؤسسة لها من صلاحيات وحقوق ما يجعلها مساهما في السياسات العمومية.
بالاضافة للمعارضة مكون جديد في الهندسة الدستورية الجديدة فقد تم منع الترحال البرلماني بمقتضى الفصل 61، حيث ينص صراحة ودون الحاجة للتأويل "يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي، الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها..."، وهنا الترحال ممنوع على مرحلتين: مرحلة الولوج للبرلمان تحت لون سياسي معين، فيمنع على أي عضو أن يلتحق بحزب اخر بتغيير " انتمائه السياسي"، والمنع في المرحلة الثانية، في حالة تشكل فريق أو مجموعة برلمانية، يمنع على العضو أن يلتحق بفريق أو مجموعة أخرى، وهنا فالنقاش الحالي هو امكانية اندماج حزبين أو أكثر من أجل تشكيل فريق أو مجموعة فهو مسموح به دستوريا، ولكن بعد تشكيل فريق أو المجموعة يتطلب أن يأخد تسمية تجمع بين جميع المكونات له، وبعدها يمنع تغيير عضو الفريق المعلن عنه.
وهناك من يبرر أن يقدم استقالته من الحزب أو الفريق وبعدها يعتبر مستقلا، ويمكنه أن يلتحق بحزب اخر كمستقل، إلا أن الدستور صريح بكون من تخلى عن انتماءه أو الفريق الذي ينتمي اليها، وكأننا امام المشرع الدستوري يسد الفراغ الذي كان في المادة 24 من النظام الداخلي لمجلس النواب وقانون الاحزاب السياسية.
ويتطرق الفصلين 62 و 63 الى تركيبة المجلسين، حيث أسس لنوع من الاستقرار المؤسساتي للبرلمان، من خلال مساواة رئيس المجلس مع مكتب المجلس ورؤساء اللجن ومكاتبها في المدة الزمنية، إذ جميعها يتم انتخابها مرتين الاولى عند بداية الولاية التشريعية والمرة الثانية في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لما تبقى من الولاية.
وأما الذي شكل ثورة في المجال البرلماني يكمن في مجلس المستشارين تغير كليا من حيث تركيبته ومن حيث اختصاصاته، فكما هو المعلون أن المجلس المستشارين كان قد وضع الراحل الثاني، كاستجابة للمعارضة أنذاك بالغاء الثلث المنتخب بالاقتراع غير المباشر في مجلس النواب على ضوء دستور 1992، وكنوع من التكنولوجية الدستورية، وكاحتياط مؤسساتي ضد أي مفاجأت ممكن أن تقع بعد دخول المعارضة الاتحادية للتدبير الحكومي بعد دستور 1996، أما والان وبعد النقاشات التي كان يثيرها ومنها من وصل الى حد المطالبة بالغاء الغرفة الثانية، ولكن أمام ضرورة وجود غرفة عليا في ضل مشروع الجهوية التي يدشنها المغرب، فقد عرفت هذه المؤسسة تعيلا جوهريا يتماشى والتحولات الراهنة.
وإن كا تم التطرق اليه يدخل في مجال الجهاز البرلماني، فالدستور الجديد كان له تأثير حتى على مستوى البرلماني، كشخص من خلال تمتعه بالحصانة البرلمانية، فالدساتير السابقة كانت تضم حصانة البرلمانيين، ولكن أي قارئ لمحتوايات الفصول السابقة يلاحظ ركاكة الترجمة من الفرنسية الى العربية من خلال دستور الفرنسي، وخاصة الفقرة الرابعة، مما جعل المشرع الدستوري يحذف جميع الفرات الثالثة التي كانت محطة جدل دائم والاقتصار فقط على فقرة واحدة من الفقرات الاربعة السابقة في الفصل 39 من دستور 1996.
ومن جهة أخرى فقد تم التنصيص لاول مرة على الجريدة الرسمية للبرلمان وبالتالي يتم نشر فيها كل ما له علاقة بالبرلمان، وعدم البقاء رهين الامانة العامة للحكومة، وبالتالي سوف يصبح للمغرب جريدتين رسميتين: الحكومية والبرلمانية.
ب- علاقة البرلمان بالمؤسسات الاخرى
1-علاقة الملك بالبرلمان:
تشريعي واستشاري
§ الملك يفتتح دورتي البرلمان الخريفية والربيعية، وخطابه "لا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش داخلهما"، حيث تمت إضافة مفردة داخلهما، مما يعني أن المنع فقط على البرلمانيينـ يناقشوا خطابات الملك، ولكن من حق الافراد والجمعيات والاحزاب... أن تناقش الملك ويمكن أن ترفض حتى التوجيهات التي جاء بها، إلا لماذا تم إضافة كلمة " داخلهما".
§ كما أن الملك يرأس المجلس الوزاري الذي يصادق على مشاريع القوانين التي تحال على البرلمان، كما أن للملك أن يطلب من كلا مجلسي البرلمان أن يقرأ قراءة جديدة كل مشروع أو مقترح قانون. تُطلب القراءة الجديدة بخطاب، ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة.
§ وهو الامر بتنفيذ القانون خلال الثلاثين يوما التالية لإحالته إلى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه.و ينشر القانون الذي صدر الأمر بتنفيذه، بالجريدة الرسمية للمملكة، خلال أجل أقصاه شهر ابتداء من تاريخ ظهير إصداره.، حسب مقتضيات الفصل 50، أما سابقا فقد كان هناك الفصل 26 من دستور 1996، يثار دائما في حالة تجاوز الملك أجل 30 يوما لاصدار الامر بتنفيذ القانون ما هو الجزاء، وكان يقدم الوزير الاول كضحية لعدم احترام الملك الفصل، بناء على توقيعه بالعطف وفق مقتضيات الفصل 29 من الدستور السابق، أما الصيغة الحالية، فالقانون ينشر بعد أجل 30 يوم على أقصى تقدير بعد التأشير عليه بالامر بالتنفيذ، مما يجعل عدم تقديم الملك بالقانون الى الجريدة الرسمية هو بمثابة موافقة ضمنية، وأن الامر بتنفيذ القانون يحتسب مباشر من إحالته اليه من الحكومة. بصيغة أدق بعد إحالة القانون على الملك من الحكومة يجب أن ينشر في الجريدة الرسمية في أجل أقصاه 60 يوما.
§ كما يحق للملك أن يحيل كل مقترح أو مشروع قانون على المحكمة الدستورية؛
§ وللملك أن يحل البرلمان أو أحد مجلسيه، ولكن الجديد الذي جاء به دستور 2011، وهو أن تم حذف " وفي أثناء ذلك يمارس الملك، بالإضافة إلى السلط المخولة له بمقتضى هذا الدستور، السلط التي يختص بها البرلمان في مجال التشريع" وبالتالي لا يحق للملك أن يشرع في مجال فراغ برلماني لانه سوف يتم انتخاب برلمان أو مجلس جديد في أجل شهرين كأقصى حد.
§ كما للملك أن يعلن حالة الاستثناء، ولكن "لايحل البرلمان أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية." وقد عوضت هذه الصيغة الصيغة القديمة المبهمة والقائلة " لا يترتب على حالة الاستثناء حل البرلمان."، حيث كان من يقول بممكن تحريك الفصل 35 من الدستور السابق المتعلق بالاستشناء وفي نفس الوقت تحريك الفصل 27 وحل البرلمان، والصيغة الجديدة منعت على الملك حل البرلمان في حالة الاستثناء؛
§ كما أن البرلمان أصبح هو من يؤشر للملك على المصادقة على مجموعة من المعاهدات وخاصة "على معاهدات السلم أو الاتحاد، أو التي تهم رسم الحدود، ومعاهدات التجارة، أو تلك التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة، أو يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية، أو بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، العامة أو الخاصة، إلا بعد الموافقة عليها بقانون.
§ للملك أن يعرض على البرلمان كل معاهدة أو اتفاقية أخرى قبل المصادقة عليها.إذا صرحت المحكمة الدستورية، إثر إحالة الملك أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو سدس أعضاء المجلس الأول، أو ربع أعضاء المجلس الثاني، الأمر إليها، أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإن المصادقة على هذا الالتزام لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور."
§ ومن الاختصاصات الجديدة والهامة في علاقة الملك بالبرلمان تتمثل في مراجعة بعض مقتضيات الدستور، حيث " للملك، بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية، أن يعرض بظهير، على البرلمان، مشروع مراجعة بعض مقتضيات الدستور. ويصادق البرلمان، المنعقد، باستدعاء من الملك، في اجتماع مشترك لمجلسيه، على مشروع هذه المراجعة، بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتكون منهم. يحدد النظام الداخلي لمجلس النواب كيفيات تطبيق هذا المقتضى."
2- علاقة البرلمان بالحكومة:
البرلمان يقوم بمراقبة عمل الحكومة كما أنه يشرع وقد أضيفت اليه اختصاص جديد يتمثل في تقييم السياسات العامة:
Ø يراقب البرلمان الحكومة من خلال :
§ من خلال لجنة تقصي الحقائق حيث أصبح تشكيلها يتطلب ثلث أعضاء أحد المجلسين عوض الاغلبية، ولكن الجديد المهم في مسألة لجنة تقصي الحقائق تكمن "عند الاقتضاء، بإحالته على القضاء من قبل رئيس هذا المجلس" و "تخصص جلسة عمومية داخل المجلس المعني لمناقشة تقارير لجان تقصي الحقائق."
§ من خلال الاسسئلة حيث تُخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة. تُدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال عليها. تُقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتُقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة على رئيس الحكومة.
§ كما يمكن لمجلس النواب اسقاط الحكومة من خلال ملتمس رقابة وللحكومة حل البرلمان، كما يتم تنصيب الحكومة من قبل مجلس النواب حيث لا يمكن أن تباشر مهامها إلا بموافقة مجلس النواب على التصريح الحكومي؛
§ يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين. وتُخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها.
§ يمكن للجان المعنية في كلا المجلسين أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، بحضور الوزراء التابعين لهم، وتحت مسؤوليتهم.
Ø في مجال التشريع:
§ أصبح المجال التشريع للبرلمان أوسع من المجال التنظيمي؛
§ أصبح دستوريا عرض الحكومة بشكل سنوي على البرلمان، قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية، خلال السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ هذا القانون.
§ أصبحت الحكومة ملزمة بتعليل رفضها لمقترحات البرلمان بخصوص قانون المالية؛
§ يخصص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة.؛
§ حذف اللجنة الثنائية المختلطة التي كانت منصوص عليها في الفصل 58 من دستور 1996، وهي اللجنة التي كانت تكبح عمل البرلمان وأصبح لكل مجلس مجال اختصاصه يحسم فيه وفق الفصل 84؛
§ القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور تعرض وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان، في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور. حيث كانت من القوانين التنظيمية سابقا تنتظر أكثر 15 سنة لخروجها؛
Ø البرلمان يقييم السياسات العامة:
حيث أصبح للبرلمان وظيفة جديدة، لا يمكن تقديم أي ملاحظة عندها سوى أنها تشكل مساهمة جديدة للبرلمان في مجال السياسات العمومية
3- علاقة بمؤسسات أخرى:
§ رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، أعضاء في المجلس الاعلى للامن؛
§ ستة أعضاء يُنتخب نصفهم من قبل مجلس النواب، وينتخب النصف الآخر من قبل مجلس المستشارين من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس،وذلك بعد التصويت بالاقتراع السري وبأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس من أجل العضوية في المحكمة الدستورية؛
§ وخُمس أعضاء مجلس النواب، وأربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين،أن يحيلوا القوانين أو الاتفاقيات الدولية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، أو قبل المصادقة عليها، إلى المحكمة الدستورية، لتبت في مطابقتها للدستور عوض الربع سابقا؛
§ يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة ;ويجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية العامة.و يرفع المجلس الأعلى للحسابات للملك تقريرا سنويا، يتضمن بيانا عن جميع أعماله، ويوجهه أيضا إلى رئيس الحكومة،وإلى رئيسي مجلسي البرلمان.
§ المؤسسات التالية: المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة الوسيط، يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج، الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، العليا للاتصال السمعي البصري، مجلس المنافسة، الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، تقديم تقرير عن أعمالها، مرة واحدة في السنة على الأقل، الذي يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان.
من خلال هذه المقالة فإن النظام الدستوري المغربي تطغى عليه النفحة البرلمانية بشكل كبير، ولكن مع اختصاصات الملك، والمجلس الوزاري، يصعب وصفه بأنه برلماني، كما يصعب وصف بأنه رئاسي، فالنظام الدستوري بقدر ما هو قريب من النظام التنفيذي أو الرئاسي فهو قريب من النظام البرلماني. وما يجعل فهم طبيعة النظام السياسي تفرض تجاوز القراءات القانونية والشكليات الى القراءات الغير الشكلية.
وهو موضع الجزء الأخير من هذه الموضوعة.
تعليقات