حذار من إيديولوجية "مقولة الشباب"
منذ مدة غير بعيدة، أصبح شعار الشباب يريد، الشباب يطمح، الشباب يأمل، الشباب ينتظر منا، مرجعا لكل من يريد تبرير برنامج أو سلوك أو يريد أن يتفاوض من خلاله، حتى أضحت مقولة الشباب مثل الجلباب الذي يرتده كل من هب ودب، ومثل الطابو الذي يختبأ وراءه كل فاعل سياسي فاشل، لا تختلف عن سابقته التي تقول وراء التعليمات السامية أو تنفيذا للتوجهات الملكية...
الأمر الذي ينذر بمخاطر تنحصر فيما يلي:
Ø استغلال مقولة "الشباب" من قبل فاعلين يصنفون من قبل المجتمع المدني أو من الفعاليات الجمعوية أو من قبل الشباب نفسهم، ضمن الفاسدين بسلوكهم أو بمواقعهم، وقد شهدنا خلال الحملة الانتخابية ل 25 نونبر أن الجميع أصبح يقول بالشباب وضرورة إشراكهم وإدماجهم وتحقيق لمطالبهم، حتى لم نعد مع نميز بين هذا الحزب أو ذاك بين هذا المرشح أو أخر؛
Ø استثمار مقولة الشباب من قبل قوى تصنف بأنها تقدمية وحداثية، وتتعالم مع الشباب كفئة اجتماعية معزولة عن المجتمع أو كفئة عمرية ذات مطالب محددة واحتياجات معينة؛
Ø هيمنة مقولة الشباب بتكريس لنوع من صراع الأجيال داخل الأحزاب والمجتمع بدل تكامل الأجيال والتواصل الأجيال، حتى يتم تحميل المسؤولية للآخر المبني للمجهول؛
Ø خلق إيديولوجية جديدة من قبيل إيديولوجية النساء، حيث أصبح تتعاطى مع قضايا الحداثة والمجتمع الديمقراطي من قبيل الريع السياسي من خلال عدد المقاعد في المؤسسات التمثيلية والوسيطة؛
وهذه المخاطر تقتضي الحيطة والحذر من قبل كافة المتدخلين في صناعة القرار العمومي الرسمي وغير الرسمي أن ينتبه للنقط التالية:
v أن الشباب هم المجتمع ككل وليسوا جزءا من المجتمع، حيث يتموقع بشكل أفقي في جميع فئات وطبقات ومكونات المجتمع، منهم الأشخاص في وضعية إعاقة ومنهم النساء، ومنهم المعطل، والطالب، الغني، والفقير...
v الشباب ليسوا كثلة متجانسة، واحتياجات شباب البولفار" ليست هي احتياجات ومطالب الشباب في أنكفو وفي حيطان وبوجنيبة... بل مطالبهم متعددة ومختلفة ولكن يربط بينها جميعا خيط ناظم وهو العيش بكرامة وعلى أساس قيم المواطنة الكاملة؛
v تحقيق مطالب الشباب لا تندرج في الاستجابة لمطالب فئة عمرية محددة، بل هي مطالب تندرج في إطار مشروع مجتمعي متكامل، لسببين، أولهما أن الشباب هم جيل الغد، ومستقبل نخب المغرب القادم، ولسبب أخر أن التطور الديموغرافي للساكنة المغربية تؤشر على وجود فجوة بين القاعدة والهرم، حيث هناك ضيق للقاعدة، أي أن الإشكال الجيلي في المستقبل يتمثل في تكوين الخلف للشيوخ المتواجدين حاليا في مراكز القرار، ما لم يتم تأهيل الشباب الحالي وتمكينهم من قدرات وميكانيزمات المساهمة في جميع أطوار مسلسل إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية؛
كل هذه العوامل تؤكد أنه لا يمكن صناعة أوهام "مشكلة فئة عمرية" مغربية اسمها الشباب، كما أنها (العوامل) لن تسمح بصناعة زعامات كارتونية مؤقتة من خلال استعراض وجودها في منصات الديكورات، كما أنها لن تستطيع احتواء مطالب الشباب من خلال إدماج شباب في مؤسسات عمومية، بل الحل يكون من خلال تحقيق مغرب العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحرية والكرامة والمساواة، هكذا تنتفي وتندثر مشاكل ومطالب واحتياجات الشباب.
فأنتجوا صيغ أخرى غير مقولة الشباب لأنها غير مجدية.
تعليقات