قراءة أولية حول لقاء الملك بالمانوني والمعتصم

بالعودة للتاريخ السياسي المغربي المعاصر، يلاحظ أن الدولة تعتمد بشكل جلي على السلوك والثقافة التقليدانية المؤسسة للتقاليد و للاعراف المرعية المسماة المخزن، وأهم لغة يعتمد عليها في التواصل مع النخب والوسائط المؤسساتية تتمثل في لغة الاشارات والرموزحيث يبقى على كاهلها فك الشفرات المقصود منها، واللغة هنا لا تكمن فقط الكلام أو الخطاب بل تصل لمستويات أخرى مثل اللباس والمشي والحظور والمكان وغيرها من أدوات الاشارات اللغوية، ومن هنا يأتي اللقاء الذي خص به محمد السادس ملك المغرب كل من المانوني والمعتصم بمدينة وجدة، وتتمثل أساسا هذه الملاحظات فيما يلي:

  • اللقاء بمدينة وجدة حيث كانت الرسالة من ذلك هو أن الموضوعة الدستورية لا تشكل قطائع مع سياسة الدولة التي ذهبت لتدشن لبعض المشاريع التنموية هناك، فالدستور يتبع الملك أين ما حل وارتحل ولا يمكن أن يذهب الملك للدستور، كما أن اختيار لمدينة وجدة بعيدا عن الرباط يعني أن الدستور شيء هامشي وثانوي وليس مركزي واستراتيجي في خيارات الدولة.
  • لباس الملك لجلباب والذي يحي به الى امارة المؤمنين و الى المشروعية التقليدية لنمط الحكم وليس للرباطة العنق التي تحي بالعنصر الحداثي والعصري، يؤكد من خلاله أن المشروعية التقليدية لا يمكن التنازل عليها وأمير المؤمنين حاضر بقوة ولو كره الكارهرون، وهنا نعود الى خطاب الحسن الثاني القائل بأني أنا واضع الدستور، وأمير المؤمنين والملك سابق على وجود أي دستور.
  • حضور الحسن ابن الملك بجواره بالاضافة الى أخيه، هو اشارة الى أن نظام الوراثة قائم وبنفس المشروعية حيث لبس الجميع الجلباب، وأن وراث الحكم والسلطة كما هي الان ابنه وبعده أخيه، مع العلم أن أخيه لا وجود دستوري له مادام ولي العهد موجود و في حالة وقوع حادث للملك فمجلس الوصاية موجود وبالتالي حضور أخيه فيه أكثر من رسالة واحدة وهي أن سلالة العلويين حاضرة بقوة ولا يمكن التنازل عنها.
  • غياب للعنصر النسوي مرده أن العرش هو من اختصاص الرجال وليس بمدعاة ذكورية ولكن للحفاظ على النسل العلوي.
  • اللقاء بالمانوني أولا، ثم المعتصم ثانيا، يعني أولوية الظهائر و أولوية المؤسسات المنبثقة من البلاط عن الاحزاب السياسية والنقابية ، فهي تابعة وليست مؤسسة

هذه بعض الملاحظات الاولية بخصوص الدستور المرتقب في انتظار تطويرها وانتظار الاشارات الاخرى التي ستأتي


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين