البرنامج الحكومي واشكالية النظام الداخلي لمجلس النواب

صادق مجلس النواب على نظامه الداخلي بتاريخ 12 يناير 2012 وأحيل على المجلس الدستوري للنظر في مدى دستورية المواد المنصوص عليها، وقد جاء هذا التعديل في ظل النقاش حول تقديم الحكومة الحالية لبرنامجها الحكومي من أجل الحصول على الموافقة من قبل المجلس النواب، حتى تتمكن من مباشرة مهامها الدستورية.

وللتذكير فمنذ دخول الدستور الجديد لحيز التنفيذ، فجميع المؤسسات تشتغل وفق أحكام الباب الرابع عشر المتعلق بالأحكام الانتقالية والختامية إلى غاية تشكيل مجلس النواب الجديد والحكومة الجديدة، وعلى هذا الأساس ينص الفصل 176 ب" إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان، المنصوص عليهما في هذا الدستور، يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما، ليقوما على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور." وبالتالي فمجلس النواب السابق كان يشتغل بأحكام النظام الداخلي السابق لسنة 2004، ونفس الشيء بالنسبة لمجلس المستشارين الحالي فهو لازال يشتغل بأحكام النظام الداخلي المصادقة عليه منذ سنة 1998.

أما مجلس النواب الحالي المنبثق من دستور 2011، فهو لم يعد ينظم بمقتضى النظام الداخلي السابق بحكم الفصل العاشر من الدستور الذي ينص على ضرورة وضع كل مجلس نظامه الداخلي لتمكين المعارضة من أداء واجبها الدستوري، أو الفصل 61 منه والمتعلق بكيفية تنظيم البرلمان لإشكالية الترحال البرلماني، ويبقى الفصل 69 صريح بضرورة أن يضع كل مجلس نظامه الداخلي الخاص وذلك وفق المقتضيات المنصوص عليها " يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، إلا أنه لا يجوز العمل به إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقته لأحكام هذا الدستور. يتعين على المجلسين، في وضعهما لنظاميهما الداخليين، مراعاة تناسقهما وتكاملهما، ضمانا لنجاعة العمل البرلماني. يحدد النظام الداخلي بصفة خاصة: قواعد تأليف وتسيير الفرق والمجموعات البرلمانية والانتساب إليها، والحقوق الخاصة المعترف بها لفرق المعارضة؛ واجبات الأعضاء في المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة، والجزاءات المطبقة في حالة الغياب؛ عدد اللجان الدائمة واختصاصها وتنظيمها، مع تخصيص رئاسة لجنة أو لجنتين للمعارضة، على الأقل، مع مراعاة مقتضيات الفصل 10 من هذا الدستور."

وبالعودة للنظام الداخلي السابق لمجلس النواب فهو خالي من أية اجراءات متعلقة بالتصويت على البرنامج الحكومي باستثناء المادة 73 التي تتناول موضوع التصويت على منح الثقة "يتم التصويت بالاقتراع العمومي حتما في الحالات التي يشترط فيها الدستور أغلبية معينة أو عند طلب الحكومة منح الثقة، و يجري على المنصة بالبطاقات الاسمية تحت مراقبة الأمناء، ويعلن الرئيس بعد ذلك عن لائحة أسماء المقترعين وكذا عن نتائج الاقتراع." وهي ترجمة للفصل 75 من دستور 1996.

والحال هاته فإن أن النظام الداخلي الحالي يدرج بابا خاصا بالتنصيب الحكومي ومسطرة التصويت وشكليات القاعة وغيرها.

خلاصات:

Ø لا يمكن أن يتم تنصيب الحكومة في البرلمان ما لم يتم النظر في مدى دستور النظام الداخلي لمجلس النواب من قبل المجلس الدستوري، من أجل التصويت على البرنامج الحكومي؛

Ø لا يوجود في النظام الداخلي القديم لمجلس النواب والنظام الداخلي الحالي لمجلس المستشارين يما ينظم التصويت على التصريح الحكومي أو ما يحدد جلسات عامة مشتركة بين المجلسين، سوى في مشروع النظام الداخلي لمجلس النواب الجديد؛

Ø من تاريخ إحالة النظام الداخلي على المجلس الدستوري 12 يناير إلى غاية تاريخ برمجة تقديم البرنامج الحكومي أمام البرلمان 19 يناير، لم تمضي سوى سبعة أيام، ولا يتعلق هنا بحالة الاستعجال المنصوص عليها في القانون التنظيمي لمجلس الدستوري في المادة 21، حيث يمكن طلب الاستعجال للمجلس الدستوري في ثمانية أيام للنظر في دستورية المواد، بطلب من رئيس الحكومة وليس من اختصاص رئيس مجلس النواب وفق أحكام الفصل 132 من الدستور " تبت المحكمة الدستورية في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين الثانية والثالثة من هذا الفصل، داخل أجل شهر من تاريخ الإحالة. غير أن هذا الأجل يُخفض في حالة الاستعجال إلى ثمانية أيام، بطلب من الحكومة "؛

Ø إن تقديم البرنامج الحكومي قبل الإقرار بالنظام الداخلي لمجلس النواب من قبل المجلس الدستوري هو خرق لمقتضيات الفصل 134، والمتعلق بكون قرارات المجلس الدستوري ملزمة للجميع؛


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين