"اتحاديو 20 فبراير" على قارعة الطريق

"اتحاديو 20 فبراير" على قارعة الطريق

ورقة عبارة عن مداخلة بدعوة من اتحاديو 20 فبراير

بتاريخ 15 يناير 2012 بأكدال الرباط.

تقييم اليوم لدور ووظيفة اتحاديو 20 فبراير في ظل الحراك الشبابي الذي عرفه المغرب، وما تلاه من تحولات على الحقل السياسي والمشهد الحزبي، يتطلب الوقوف على مكامن قوة هذه الدينامية، ومكامن ضعفها.

نعتقد أن المسافة الموضوعية والظروف الذاتية مستكملة شروطها لتقديم تقييم محايد وموضوعي.

أولا: على مستوى مكامن القوة

يمكن اختصار هذا النجاح في أربع نقط:

1. قيمة إضافية نوعية: "اتحاديو 20 فبراير" كحركة قدمت قيمة إضافية نوعية للدينامية الشبابية المغربية بشكل عام، باعتبار أننا لا نتحدث عن حركة 20 فبراير، كدينامية منسجمة وموحدة بل كديناميات حركة 20 فبراير، وكل دينامية كانت تعبر عن نفسها، ولها قراءتها المستقلة على الوضعية الراهنة والوضعية السياسية بشكل أعم، ولها رؤية وتقديرات للمرحلة الحالية، وللأفق الديمقراطي بالمغرب؛

2. تفنيد أطروحة الاتحاد مات: خروج شباب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" حاملين هموم المجتمع وتطلعات شباب المغرب من خلال "اتحاديو 20 فبراير"، أكد أن مقولة "الاتحاد قد مات"، من خلال تحوله إلى دكان انتخابي أو "زريبة" للأعيان، واهية، ولا أساس لها من الصحة، بل هناك شباب من داخل الاتحاد الاشتراكي مؤمن بالاشتراكية الديمقراطية ومؤمن بالعدالة الاجتماعية، قادر على الخروج للشارع العمومي من أجل الاحتجاج والتعبير عن مطالبه؛

3. تحريك المياه الراكضة داخل الحزب: وذلك من خلال بيانات "اتحاديو 20 فبراير" ومطالبها العلنية، واحراجاها لقيادات الحزب، ومن خلال الوقفة التي نظمت أمام مقر الحزب بشارع "العرعار"، فردود الفعل التي تلت الوقفة عبرت عن تحريك المياه الراكضة داخل حزب القوات الشعبية، التي كانت آسنة منذ 1998، أو قبيل هذا التاريخ بقليل إلى غاية 2011؛

4. العودة لموقع "الفعل": "اتحاديو 20 فبراير" أكدت الموقع الأصلي للشباب الاتحادي، وهو "الفعل"، فقبل مقولة "أرض الله واسعة"، كانت الشباب داخل الحزب يقوم ب"الفعل" والقيادات أو حتى الفاعلين السياسيين الآخرين يقومون ب"رد الفعل"، ولكن بعد "التناوب التوافقي" أصبح موقعهم هو "رد الفعل" على مواقف قيادات الحزب، ولكن مع خروج "اتحاديو 20 فبراير" رجعت المعادلة الأولى، وبدأ الشباب يبادر، والقيادات أصبحت في موقع "رد الفعل" تبين ذلك من خلال بيان المكتب السياسي المتعلق بطرد بعض النشطاء في "حركة 20 فبراير"، أو من خلال تصريحات قيادات أخرى بكون الشباب مجرد "براهش" أو "غير ناضجين سياسيا"؛

هذه بعض النقط الايجابية في تقييم تجربة "اتحاديو 20 فبراير"، ولكن هذا لا يمنع بوجود سلبيات أو أخطأ التجربة وما بعدها.

ثانيا: على مستوى سلبيات التجربة

1. غياب الرؤية: وفي هذا الإطار نتحدث عن سؤال ماذا يريد شباب "اتحاديو 20 فبراير"؟ وهو السؤال الذي لا يساءل فقط التصريحات والخطابات من قبل الشباب بل أيضا يساءل الممارسة والاكراهات المرتبطة بالعمل الميداني، ومن خلاله يمكن التطرق إلى مسألتين، الأولى تتعلق بالمرجعية، والثانية تتعلق بالآلية.

بخصوص الرؤية في إطار مرجعية "اتحاديو 20 فبراير" يلاحظ غياب تام لدى الشباب "مسألة الهوية"، بمعنى يمكن القول أن المرجعية تتذبذب ما بين بيان المؤتمر الثامن للاتحاد كحد أدنى وأرضية حركة 20 فبراير كسقف أعلى.

أما بخصوص الآلية، يثار سؤال هل "اتحاديو 20 فبراير"، إطار موازي للحزب؟ هل بديل عن الشبيبة الحزبية؟ أم أنها دينامية تتجاوز النظرة القطاعية، الشبيبة وتجد فيها النقابي والنقابية والحقوقي والحقوقية والطالب والطالبة، المناضل والمناضلة، بمعنى أنها عبارة عن خيط ناظم لمجموعة من المكونات داخل الاتحاد الاشتراكي المنادية ب"التغيير"؟

2. ضبابية المقاربة: في تتجسد ضبابية المقاربة من سؤالين لم يتم الحسم بعد فيهما من قبل "اتحاديو 20 فبراير"، هل هي حركة تغيرية تريد إصلاح الحياة السياسية بمقاربة أصلاح الأداة الحزبية؟ بمعنى تقديم الاتحاد الاشتراكي ك"برايغم" نموذج إرشادي وكمدخل إذا تم إصلاحه إصلاح الحقل الحزبي والسياسي ككل؟ أم أن الهدف هو إصلاح الحزب بمقاربة إصلاح الحياة السياسية؟ بمعنى خطاب تغيير الواقع السياسي المغربي يهدف بالأساس تغيير قيادات الحزب؟ وبالتالي يعيد السؤال ذاته ماذا يريد الشباب الاتحادي؟

3. غموض بين الخطاب والممارسة: أكيد أن الشباب الاتحادي مؤمن بإستراتجية النضال الديمقراطي، وباعتبار أن الشباب دائما متحرر من مجموعة من القيود الإدارية والبيروقراطية، ومنفلت من رقابة رهانات التكلفة السياسية، إذ يمارس السياسة ويدلي بتصريحات ومواقف، بدون أدنى حسابات، لأنه طبيعي ليس لديه "ما يخسره"، وبالتالي يكون مندفع وطموح بدون سقف، ولكن من خلال تتبع لتجربة "اتحاديو 20 فبراير"، تطرح تساؤلات، هل هم شباب ثوري ولكن بخطاب إصلاحي؟ أم أنهم إصلاحيين بخطاب ثوري؟ حيث لم يستطع "اتحاديو 20 فبراير" بلورة موقعهم كحركة إصلاحية متنورة بخطاب إصلاحي واقعي.

4. الخلط بين العدو والخصم السياسي والمنافس الانتخابي: هنا في إطار التقييم يطرح سؤال من هو خصم الحداثي والتقدمي والديمقراطي؟ يكون الجواب بديهي هو الأصولي والمحافظ، والأصولية هنا بشقيها الأصولية السياسية المتمثلة في النظام السلطوي والأصولية الثقافية المتجسدة في الإسلام السياسي. والخصم السياسي يكون دائما من خارج دائرة الحلفاء والعائلة الإيديولوجي، ولا يمكن أن يلج لهذه الدائرتين فقط من يمتلك بعض الموارد المالية واللوجيستيكية كسبيل المثال "حركة بااركاا"، أما المنافس الانتخابي للحزب الديمقراطي هو حزب الأعيان وحزب المال وحزب المصالح.

ولابد هنا أن نذكر، أنه في المغرب لم يعرف اصطفاف حزبي على أساس مرجعية أو مذهبي بقدر ما كان الاصطفاف يكون على أساس العلاقة مع الدولة، فكان التصنيف ما بين أحزاب الحركة الوطنية وأحزاب الإدارية صنيعة "القصر"، ولكن مع التحولات التي شهدها المغرب وخاصة ما بعد حكومة "عبد الرحمن اليوسفي" واليوم مع حكومة "ابن كيران"، أصبح التصنيف الآن هو ما بين القوى المحافظة وامتداداتها في الأحزاب والمجتمع المدني الصحافة وغيرها، والقوى الحداثية والتقدمية وامتداداتها هي الأخرى، وبالتالي يكون العدو والخصم السياسي والمنافس الانتخابي هو الموجود خارج دائرة "الحداثة"، هذا ما لم يستطع "اتحاديو 20 فبراير" عكسه من خلال تجربتهم التي امتدت على طول السنة تقريبا.

عموما هذه بعض الملاحظة ليس الهدف منها المدح أو التنقيص، ولكن بعض الأسس التي يمكن أن تشكل "اتحاديو 20 فبراير" ك"فكرة" وطفرة نوعية نحو التقدم ونحو تطوير" حركة 20 فبراير" والمساهمة بشكل ايجابي في الحياة السياسية ككل.

لازلت هناك فرص على قارعة الطريق ... فتحتاج فقط لم يستثمرها ويفكر فيها في لحظتها بشكل ديمقراطي وفعال وناجع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين