اغتيال الدستور
اغتيال الدستور
على وثيرة متسارعة الأحداث انتفضت تونس
الخضراء بعد أن "أحرق" البوعزيزي لذاته احتجاجا على إهانة كرامته من قبل
"امرأة" شرطية، وانتفضت مصر الفرعونية على واقعة تعذيب أحد الشباب،
واستمر مسلسل الانتفاضات مثل كرة الثلج، وفق قاعدة "الدومينو" لا أحد
يعرف على من سوف ترسو سفينة "كاميرات" القنوات الفضائية وقرارات هيئات
الامم المتحدة.
على نفس الوثيرة احتجت ألاف الحناجر على ما
يقع في المغرب، من انفراد بالسلطة، واحتكار المال والثروة الوطنية من قبل
أولغارشية ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب.
وعلى نفس الوثيرة، كان لخطاب 9 مارس حماسة "زائدة"،
لدى من اعتبر نفسه عقلاني واصلاحي متنور، وافتتحت المشاورات بخصوص أي مقاس لدستور
جديد، يستجيب لتطلعات المحتجين ويرضي القوى الكامنة وراء السلطة، فكانت المحصلة
دستور فاتح يوليوز.
أسبوع، قبل خطاب الاستفتاء، خرجت تيارات
اسلامية تهدد بأي مساس بالدولة الاسلامية، في مقابل تكريس الدولة المدنية، باشعال
فتنة في البلاد، في مقابل كان خفوت وتراجع للقوى المنضوية تحت سقف الحداثة
والديمقراطية، وبقيت في صف المتفرج.
في الإقرار الشرعي للدستور، خرجت حناجر تربط
تسميته ب"نعم" بالواجب الديني، وكل ملتحق ب "لا" بمثابة
الخروج عن أهل الجنة والالتحاق بأهل النار، في امتزاج سخيف ب"الدقاقية"
و"الغياطة" التي ترقص فرحا بشيء ما، قد يكون أي شيء إلا أن يكون، دستورا
يؤسس دولة جديدة ومؤسسة جديدة.
في ثاني عيد لاحتفال بالدستور الجديد، سمي
سفراء، وأسست لمشاريع، وافتتحت أوراش، وكأن مغرب الامس هو مغرب اليوم، ولا وجود
لمأسسة رئاسة الحكومة، ولا برلمان مشرع ولا مؤسسات حكامة وحقوق الانسان، ومورست
شتى أنواع العنف في حق المتظاهرين وانتقم من دعاة الاحتجاج السلمي.
أعلن عن انتخابات سابقة لأوانها، لانتخاب
أعضاء مجلس النواب، فافتضت بكرة الدستور لاول مرة، حفاظ على ماء الوجه، حتى
"لا" يتم "وحل
البرلمان"، فكانت سابقة في تاريخ القوانين الدستورية بالعالم.
شكلت حكومة بأغلبية سياسية، بدون برنامج
سياسي، وامتزجت فيها بين السياري مع الاداري مع الاسلامي الحاكم، من أجل خلق هدنة،
مع يسار حقيقي في الشارع واحتياطي مؤسساتي في المعارضة البرلمانية، ومغازلة تيار
اسلامي تربوي "تحت" دولة، ضدا على إرادة هولامية غير مجسدة، في تقابل
مصالح قوى داخلية مع قوى خارجية.
حرقت قوانين مكلمة للدستور وأخرى عادية، في سبيل،
ضمان اطمئنان مصالح اقتصاد الريع على امتيازاتها، وقدم الفتات من
"المفسدين" للمحاكمة لاقناع المتتبعين.
في ثاني جمعة من "أكتوبر" ترتكب
جريمة أخرى بتوافق مع الملك، بافتتاح برلمان غير شرعي، لقيط، إذ لم يحسم مصير مجلس
المستشارين ومسألة تجديد الثلث، بكون الغرفة الثانية تشكل لحد الان، الكابح
المؤسساتي لاية مناورة غير متوقعة.
يتم قتل الدستور يوميا تحت أعين القوى
الديمقراطية، لتفسح المجال للمفسد الاول،والذي عات في الارض فسادا في أقل من سنة،
أن يدعي محاربة الاصولية، ومحاربة أعداء الديمقراطية.
أغتيل الدستور، يوم نصب، حزب سلطوي، نفسه،
مدافعا عن الدستور، وانحنت رؤوس القوى الديمقراطية، لصالح التاكتيك.
ضدا على تاريخ دماء الشهداء وحرية المناضلين.
أكلت يوم أكل الثور الابيض...
لم تهدأ العاصفة بعد، وكلنا نارها يوم تشعل
من جديد... فملعون من "خان" العهد الدستوري.
تعليقات