دفاعا عن "آيت الجيد بنعيسى"
دفاعا عن
"آيت الجيد بنعيسى"
تقود بعض الجهات التي ألفت الاشتغال في الظلام وبعد جنوح
الليل، حملة حول المواطن "عبد العالي حامي الدين"، من خلال إثارة عدة
قضايا حوله وكان أخرها قضية مقتل الشهيد "آيت الجيد بنعيسى" سنة 1993.
"حامي الدين" الذي أختلفه معه جملة وتفصيلا في
مقارباته وفي توجهه، مقاربته المبنية على النط على الحبال، مرة يتحدث باسم الامانة
العامة لحزب العدالة والتنمية، ومرة باسم منتدى الكرامة لحقوق الانسان، وعندما لا
يجد ضالته يلجأ الى قبعة الاستاذ الجامعي.
وبخصوص توجهه السياسي ذي النزعة الاسلامية، يحاول تكييف
الديمقراطية على مقاس فقه النوازل وبعض الاجتهادات السابقة في التراث الاسلامي
ولكن بشكل مبثور عن سياقها، محاولا تقديم نموذج دولة تتعايش فها قيم الديمقراطية
وحقوق الانسان مع مبدأ الحاكمية لله.
الشيهد "آيت الجيد بنعيسى"، لم أعاشره كما أنه
لم يترك انتاجات معرفية أو سياسية باستثناء صوره في السجن بابتسامة ساحرة، ووترك
أيضا شهادات رفاقه في حسن أخلاقه، وسلمية نقاشاته وحضارية منازلاته الفكرية. كان
"الرفيق" يحلم بحرية بلاده من ظلم واستبداد الاصولية الدينية التي
اخترقت حرمة الجامعة المغربية ومن بطش أصولة سياسية تقمع بدون تعليلات كل فكر
متنور أو متحرر.
بعد 20 سنة الى من اغتيال "الشهيد" وصلنا الى
لغة "الكلاب" و"التماسيح" في السياسة وفي تدبير السياسات
العمومية وفي التفكير في مستقبل البلاد.
بعد 20 سنة خرجت حملة تنعش الذاكرة التي لم تمت، من أجل
أن تذكرنا ب"الشهيد"، وبتورط "حامي الدين" في القضية حيث سبق
وأن قضى عقوبة حبسية في زمن "السلاسل والسيوف" التي أدخلت للحرم
الجامعي.
بعد 20 سنة خرج حزب سلطوي من قلب الاستبداد السياسي الذي
حاربه "الشهيد" وهو حي، خرج ليجعل من دمه ترقيع لبكرته التي فضتها له
حركة 20 فبراير، وشرعية محاربة حزب العدالة والتنمية الذي يسير الحكومة، بنزين ل"تراكتور"
صنع بقطع غيار خردة الزمن البائد.
بعد 20 سنة أصبحت قضية "الشهيد" مزايدات
انتخابية وصراع حزبي ضيق بين أدوات طالما حاربها "الشهيد": وهما أدوات
المخزن وأدوات الاسلاموية.
لقد أخطأ "حامي الدين" أثناء تقديم شاهدته في
المحكمة بالتنكر لفصيله الاسلامي والادعاء بالانتماء لفصيل الطلبة القاعدين، كما
أنه يخطأ اليوم عندما يشهر في كل مرة المقرر التحكيمي لهيئة الانصاف والمصالحة.
وقد أخطأ من أيقظ عائلة الشهيد اليوم لتصدر بيانها، فإن
كان رأسمالكم الرمزي المساهمة من وراء الشرفات في تجربة العدالة الانتقالية، فإن
اليوم مصداقيتها مهددة في مفاصليها السياسية، فالمصالحة مع الماضي أو المصالحة مع
المجتمع كانت مجرد شعارات مزيفة، لان المصالحة كانت بالأخص مع تيارات سياسية،
فالسؤال اليوم ماهي التكلفة التي قدمت؟ وماهي نتائجها على الحقيقة وعلى مصير
المغرب؟
إن قضية الشهيد "آيت الجيد بنعيسى" ليس غمامة
صيف عابرة، بل قضية تاريخ وقضية حقيقة، وقضية مجتمع وقضية يسار قدم دمه فداء لمغرب
الكرامة.
من يقتل "سياسيا" "حامي الدين"
اليوم يقتل "آيت الجيد بنعيسى" غدا.
تعليقات