إصلاح دستوري قائم على احترام الهوية ...ضرورة ملحة
إصلاح دستوري قائم على احترام الهوية ...ضرورة ملحة
أحمد عصيد ناشط أمازيغي
عزيز إدمين: كيف يمكن ربط مشروع الجهوية بالإصلاح الدستوري؟
أحمد عصيد: هذه هي الفكرة التي سبق أن عبرت عنها، حيث أرى، أن انتهاج سياسة جهوية يقتضي تعديلا دستوريا، يسمح بتنفيذ هذه السياسة ويعطيها إطار قانوني وسياسي، ولكن أن نبقى نرفع شعارات جديدة في إطار وثيقة دستورية قديمة سيفرغ واقع الحياة السياسية من مدلولها، واعتقد من الخطأ الجسيم الذي ارتكب هو تنظيم انتخابات 2007 بدستور قديم، والآن نعيد نفس الخطأ بالحديث عن الجهوية الموسعة ورفع شعارات كبيرة ضمن قانون قديم، الأمر يشبه الجسد الذي ينمو دون أن نغير ملابسه الضيق، نحن إذن نلاحظ وجود قانون ضيق لا يواكب التحولات التي يعرفها المغرب.
س: في نظركم ما هي المضامين التي يمكن أن تستوعب الجهوية في الوثيقة الدستورية؟
ج: أولا ينبغي إعادة النظر في الجهات المعمول بها الآن، ينبغي أن تكون على ارض الواقع من خلال إدخال المنطق التاريخي والجغرافي والثقافي والهوياتي أيضا، فلا يمكن أن نتحدث عن الجهة بتقسيم إداري عشوائي، فالجهة لها مواصفات، وهذا يوفر لها إمكانيات النجاح عندما نوفر لها الإطار المناسب والحقيقي، من جهة أخرى هناك إجراءات إدارية لا يمكن أن تتم إلا إذا كان لها سند دستوري، فيكون تسير الجهة ممكن من طرف نخب محلية، فالنخب الموجودة في المغرب تعاني من المحاصرة ولا يسمح لها الإطار الحالي التعبير عن موهبتها في التسيير.
س: الحديث عن الجهوية بهذا الشكل، إلا يمتد إلى مجلس المستشارين من خلال تشكيلته وصلاحياته، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى؟
ج: بطبيعة الحال، نقول بتعديل الدستور، لان هذه الأمور كلها مطروحة من اجل إنجاح الجهوية، فإذا كان اليوم ورش الجهوية فقط شعار فهذا كلام، أم انه كسياسة عمومية، فيجب أن تكون أمور كثيرة والتي سوف تقلب الجهوية في المغرب رأسا على عقب في الاتجاه الأفضل، وهو الذي سوف يحرر الجهات والذي سوف يعطيها الانطلاقة الحقيقية، لكن مجموعة كبيرة من الإجراءات يجب أن تتم وضرورة توفير لها الإطار القانوني المتمثل في القانون الأسمى للبلاد، سواء من الناحية الإدارية أو الشكل الذي سوف تتم به الانتخابات أو العلاقة مع السلطة المركزية...فهذه كلها أمور يجب أن تتغير وفق سند دستوري.
من جهة أخرى، اعتقد أن الحديث عن الجهوية فقط بمناسبة الصحراء، فهو محدود جدا، ولا يحقق أي تقدم، وبالتالي يجب على الجهوية أن تشمل جميع الجهات، فالمشكل ليس فقط في الصحراء بل في جميع جهات المغرب التي تعاني من الحيف وتشعر بالغبن إزاء السياسية المتمركزة. واعتبار قضية الصحراء لتحقيق الجهوية لا يرضي الجهات الأخرى، يجب المساواة بين جميع المناطق، فإذا كان حكم ذاتي في الجنوب يجب أن يكون حكما ذاتيا في باقي الجهات، ونصبح في قلب "ملكية فيدرالية" وهذا تقدم كبير نتجاوز به نموذج الدولة الوطنية المتمركزة الذي عبر عن تخلفه وقصوره في الاستجابة لطموحات الشعب المغربي.
س: ألا ترون أن بناء جهات على أساسي لغوي، اثني، عرقي، يقصي الجهات من التضامن والانسجام، ويبعد البعد الاقتصادي والتنموي؟
ج: لا بل العكس، لقد ثبت أن الجهة عندما تتوفر لها الشخصية الثقافية، أنها تبدع أكثر وتنجح أكثر بسبب التلاحم الاجتماعي، وهذا التلاحم والانسجام يتيحه العنصر الثقافي المشترك، فإذا قلنا الريف مثلا، فالريف شخصية ثقافية وسوسيواجتماعية واقتصادية، وبالتالي منحه الجهة سوف ينمو ويتطور في إطار الوحدة الوطنية، لأنه عندما تتحقق الديمقراطية بفضل هذه السياسة فالنزاعات الانفصالية أو التجزيئية سوف تتضاءل وتخبو، والخطأ الكبير هو حساب الجهة حسابات إدارية أو جغرافية من منظور امني. وبالتالي الجهوية الموسعة لها بعد تنموي اقتصادي واجتماعي وثقافي، مما يتطلب إعادة النظر في ستة عشر جهة فهذه الأخيرة خرافة، فالجهات الواقعية الحقيقية اقل من ذلك، لأنها ستكون منسجمة اجتماعيا وتاريخيا وجغرافيا سكانيا وهي التي لها عبقريتها والقادرة على تكييف الأبعاد الاقتصادية والسياسية بالأبعاد الاجتماعية والثقافية.
تعليقات