ثغرات قانون الحصانة البرلمانية
ثغرات قانون الحصانة البرلمانية
صدر القانون 17.01 المتعلق بالحصانة البرلمانية بناء على ظهير شريف رقم 1.04.162 بتاريخ 4 فبراير 2004, بعد اطلاع المجلس الدستوري على دستورية مواده بتاريخ 12 غشت 2004 على ساس قرار رقم 568.2004 , بناء على رسالة الاحالة التس تقدم بها الوزبر الاول السيد ادريس جطو بتاريخ 15 يوليوز 2004.
و تاتي هده المقالة لتحليل محتوى هدا القانون, و الدي يهدف اساسا لترجمة الفصل 39 من الدستوري بشأن الحصانة البرلمانية لاعضاء مجلسي النواب و المستشارين, و في هدا الاطارلابد الانطلاق من قرار المجلس الدستوري انتهاءا بتحليل بعض مواد القانون.
اول ملاحظة يمكن ابداؤها في القرار رقم 586.2004 يتعلق بالفقرة الاولى من القرار و التي تحيل الى الفقرة الثانية من الفصل 81 من الدستور والتي على اساسها قدم الوزير الاول القانون رقم 17.01 للمجلس الدستوري من اجا فحص دستوريته, و بالرجوع للفقرة السالفة الذكر فهي تنص على ان "تحال القوانين التنظيمية قبل اصدارالامر بتنفيدها, و النظام الداخلي لكل من مجلسي البرلمان قبل الشروع في تطبيقه الى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتهما للدستور".
مما يطرح يساؤل حول موقع هده الفقرة في القرار ادا علمنا ان القانون رقم 17.01 هو قانون عادي وبالتالي فهو غير خاضع لمقتضيات هده الفقرة.
الملاحظة الثانية و تتعلق بتعليل المجلس الدستوري حول دستورية الفقرة الثانية من المادة الرابعة و التي تحدد الاجال المحددة لمكتب المجلس بالبث في حالات القاء القبض على البرلماني الدي انتهت الدورة دون ان يبث المجلس في هده حالته , و التي يجب ان يحسمها مكتب المجلس داخل 30 يوما من تاريخ اختتام الدورة.
حيث يعلل مجلس الدستوري على دستوريتها باعتماده ثلاثة دعائم, والتي تهمنا في هده المقالة الدعامة الثانية و التي يقر فيها " لئن تعرضت ( المادة 4 من القانون ) الى تحديد الاجال التي يتعن مراعاتها في المداولة و البث في شأن طلب الادن, فذلك لان تحديد هده الاجال, الدي يعكس العلاقة بين البرلمان و الحكومة بواسطة وزير العدل, ليس من الامور التي يمكن اعتبارها من السير الداخلي المحض لمجلسي البرلمان و التي تختص بها انظمتها الداخلية, و ادا سبق لمجلس الدستوري في قراراته السابقة ان قضى بدستورية انظمة داخلية تضمنت تحديد هده الاجال, فدلك لعدم وجود قانون يتعرض لهدا الموضوع في دلك الوقت, الامر الدي يستنتج منه ان نشر القانون المعروض على المجلس الدستوري, سيؤدي الى تعويض الاجال المحددة في النظامين الداخليين لكل من مجلسي البرلمان بالاجال الواردة في هدا القانون".
في هدا التعليل يلاحظ فيه تناقض المجلس الدستوري مع نفسه في الوقت داته يجانب الصواب على اساسين:
يتعلق الاول ان المجلس الدستوري يعتبر ان النظام الداخلي ينظم امورمحضة داخلية للمجلسي البرلمان و ان تحديد الاجال يدخل في الامور الخاصة في علاقة البرلمان بالحكومة و التي يجب تنظيمها لقانون من جهة, و من جهة اخرى يعترف انه اقر بدستورية الانظمة الداخلية السابقة, الشيء الدي يمكن ان نستنتج منه انه كان يقر بدستورية مواد غير دستورية في الانظمة الداخلية على عدم وجود قانون ينظم دلك.
الاساس الثاني و يتعلق بتراتبية القوانين, فالمعروف ان الانظمة الداخلية للمجالس البرلمانية هي الاسمى و الارقى منزلة من القوانين العادية, الا ان تعليل المجلس الدستوري في هدا القرار يقلب الاية و يجعل القوانين العادية الاسمى و الارقى منزلة من الانظمة الداخلية, حيث يجعل احكام هدا القانون سوف تؤدي الى تعويض الاجال المحددة في النظامين الداخليين لكل من مجلسي البرلمان. فمثلا تنص المادة 91 من النطام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2004 على اجال 30 يوما, و لكن لو كانت تنص على اجال غير 30 يوما , فلابد في هده الحالة تعديل النظام الداخلي حتى يتلائم مع احكام هدا القانون العادي...؟
ادا كان الفصل 81 من الدستور يمنع اي طعن في قرارات المجلس الدستوري و الزاميتها لكل السلطات العامة, فان السلطة الوحيدة غير ملزمة بقراراته هي سلطة الفكر و البحث العلمي و التي تسعى اساسا الى تطوير اداء هده المؤسسة الدستورية.
بعد قرار المجلس الدستوري ننتقل الى القانون و الدي يتكون من ظهير الاصدار بالاظافة الى خمس مواد.
فظهير الاصدار صدر بتاريخ 4 نونبر بعد الاطلاع على قرار المجلس الدستوري رقم 586.04 الصادر بتاريخ 12 غشت 2004, اي ان المدة مابين التاريخ الاول و الثاني تجاوزت 80 يوما, و هي المدة التي تطرح اشكالا في علاقتها بالفصل 26 من الدستور و التي تجعل اجال اصدار الامر بتنفيد القانون هو 30 يوما التالية لاحاة القانون على الحكومة بعد تمام الموافقة عليه.
ومادام الملك يتمتع باختصاصات واسعة يقرها له الدستور صراحة او ضمنيا في الفصل 19, و مادام ان شخص مقدس لا تنتهك حرمته, فان المسؤولية في هدا الصدد تثار امام الوزير الاول مدام هو من وقع بالعطف على القانون السالف الدكر بناء على الفصل 29 من الدستور.
ادا كانت المادة الاولى من القانون تلخص مضمون القانون و الدي يجد اساسه في الفصل 39 من الدستور فان الجديد/القديم الدي اتى به القانون يتمثل في المسطرو القانونية التي يجب ان يتبعها الوكيل العام للملك في شأن جنحة او جناية منتسبة لعضو من اعضاء البرلمان, ثم اجال 30 يوما للمكتب للبث في شأن طلب القاء القبض على برلماني معين. اما المادتين الرابعة و الخامسة فهي تعيد دكر مقتضيات الفقرات الثانية و الثالثة و الرابعة من الفصل 39 من الدستور.
والدي نريد مناقشته في هدا الصدد يتمثل في المادة الخامسة و التي هي اساسا الرابعة من الفصل 39 من الدستور.
فالفقرة الثانية تنص على انه لا يمكن متابعة اي عضو او القاء القبض عليه اثناء الدورات الا في الحالات التالية: ماهو منصوص عليه في الفقرة الاولى (اي المجادلة فيالنظام الملكي او الدين الاسلامي او الاخلال بالاحترام الواجب للملك) او حالة التلبس او ادن من المجلس.
اما الفقرة الثالثة فهي تنص على انه لا يمكن القاء القبض على اي عضو مابين الدورات الا في الحالات التالية: حالة التلبس او متابعة مأدون فيها او صدور حكم نهائي بالعقاب او ادن من المكتب. و هده الفقرة تتير ملاحظتين :
الاولى انها متعلقة فقط بالقاء القبض على البرلماني و بالتالي فيجوز متابعته ما بين دورات المجلس.
الثانية ان ان القاء القبض على العضو يكون في حالتين, اما انه تم تحريك مسطرة القاء القبض عليه اثناء عقد دورة للمجلس و اختتمت الدورة دون ان يبث المجلس في الطلب, و بالتالي احالته على مكتب المجلس للبث فيها في اجل 30 يوما من تاريخ اختتام الدورة. و هي الحالة التي تنص عليها المادة الرابعة من القانون 17.01. واما تم تحريك مسطرة القاء القبض على العضو مابين الدورات و التي تجاهلها القانون رغم صراحة الدستور في دلك.
الفقرة الرابعة من الفصل 39 تنص على انه يوقف اعتقال عضو او متابعته ادا صدر طلب بدلك من المجلس الدي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس او متابعة مأدون فيها او صدور حكم نهائي بالعقاب.
فالمتابعة المأدون فيها لا تكون الا بناء على الفقرة الثانية من الفصل 39, و هي مسألة طبيعية لكون المجلس الدي يأدن بالمتابعة لا يمكن ان يأتي و يلغيها. و بالتالي فاحكام الفقرة الربعة مرتبطة فقط باحكام الفقرة الثالثة. و مادامت هده الاخيرة تنظم فقط القاء القبض على العضو بناءا على حالة التلبس او متابعة مأدون فيها او صدور حكم نهائي بالعقاب و هي الشروط المستثنائة في الفقرة الرابعة , يكون اعمال ايقاف اعتقال او متابعة العضو الا في حالة جد جد ضيقة تتمثل في متابعته ما بين الدورات بدون ادن من المجلس.
فالحالة الوحيدة التي يمكن للمجلس ايقاف متابعة عضو او اعتقاله تكون حينما يتم تحريك المسطرة بشأن دلك مابين الدورات و متابعة العضو بدون ادن من المجلس ماعدا في حالة التلبس بالجريمة, و بالتالي تكون المادة الخامسة من القانون غير واضحة في هدا الصدد و اقتصرت فقط على اعادة صياغة الفقرة الرابعة, و هو الغير المطلوب من المشرع الدي عليه تفسير و تدقيق احكام الدستور, و ليس فقط اعادة استنساخها.
هده بعض النقطة المتعلقة باحكام القانون 17.01 النتعلق بالحصانة البرلمانية و التي تؤكد تداخل الاعتبارات السياسية و الذاتية مع الاعتبارات القانونية في بنية المنتوج التشريعي للمؤسسة البرلمانية بالمغرب.
تعليقات