الحب.. و حب البطولة (قصة قصيرة)
يونس زكور
كانت أكثرهن لباقة، و أكثرهن غرابة،كنت أجالسهن و أحاورهن لساعات و ساعات،فقط للاستمتاع بنبرات صوتها الطفولي، و لأستراق نظرات من عيناها المغرقتان في العدوبة،لقد انتظرت تم انتظرت اللحظة التي أنفرد و إياها حتى أميط الثام عما يغمر و جداني من أحاسيس أتجاهها،و أخيرا و بعد طول انتظار،ها أنا دا أجد نفسي و إياها و جها لوجه ، في هده اللحظة ، بدأ امل الفوز و الهزيمة يتصارعان بداخلي،لقد أحسست كالجندي الدي ينتظر الإشارة ليرسلوه إلى مصير غير معلوم..
لقد جلست بفخر و أناقة أمامي،كانت جميلة جدا ، رغم قربها مني كنت أحسها بعيدة، فصداقتنا تبعدني عنها بآلف الأميال و الأميال، لم يكن بمقدوري تجاوز حدود هده الصداقة التي أصبحت تثقل كاهلي و تطبق على أنفاسي..
لقد كانت خجولة ، متكتمة، متحكمة في أحاسيسها و مشاعرها..قد كان كل شيئ بداخلي يرفض المرأة الصريحة ، السهلة المنال،و غير المتحكمة في غرائزها.. فعندما يبدأ الحب فالخجل و الإرتياك يجب أن يرافقوه،فهم إ رث الأيام التي كان فيها الحب و العنف يترافقان يدا بيد .. الرأس المنحني و العيون المرتعشة،و الصوت المتردد، و الوجه الشاحب.. هده و ليست تلك النظرات المحدقة و الإجابات الصريحة هي الإشارات الحقيقية للحب..
"أودين" كانت مليئة بمواصفات الأنوثة، بلونها البرونزي الناعم و الرقيق،و شعرها دو اللون الغرابي، و عيناها القرمزيتين، و شفتيهاالملائكيتين، بأطراف مرنحة ، و قد مائس..لقد كانت حقا فاتنة، و صفها البعض بأنها رزينة و صعبة المنال، و الى هدا الوقت لم أكن قد اكتشفت بعد أسرار سحرها..و فجأة عزمت على تكسير هدا الصمت الرهيب و إطلاعها بما أتكتم عليه من مشاعر و أحاسيس تجاهها،و ليقع ما يقع، اللهم حبيبا مرفوضا، أو صديقا معذبا..بعيدا الى الأفق أخدتني أفكاري، و كنت على وشك تكسير دالك الصمت الطويل،عندما نظرت إلي بعيناها الآخاذتين، و وجهها المتعالي، الذي حركته بإبتسامة و كأنها تحاول تأنيبي ، و قالت : " لدي احساس مسبق أنك تعتزم قول شيئ ما، لكن أرجو ان لا تقول شيئ، لأن الأشياء جميلة جدا كما هي الان"
حركت الكرسي قليلا أتجاهها و قلت : "الأن..كيف علمتي أنني أعتزم قول شيئ ما لك.. ؟ (سألتها بإندهاش حقيقي)
قالت : " و يحك.. ألا تعرف أن المرأة تعلم كل شيئ ؟ و هل تعتقد أن هناك امرأة في العالم لا تعرف ما ذا يجري حولها ؟ لكن أتعلم صداقتنا كانت رائعة و سارة كثيرا، يالا الأسف..لمادا تريد ثلويثها ؟ ؟ ألا ترى كم هو رائع أن يكون بمقدور شاب و شابة أن يتكلموا و جها لوجه بشكل بريئ كما نفعل ؟ ؟"
أجبتها :" لا أدري –أودين- لكن رغم أنه بمقدوري أن أتكلم معك وجها لوجه،أحس أنني خاضع لروتين ما..وهدا لايكفيني على الأقل، أريدك بين بين دراعي، و رأسك فوق صدري و.. آه أودين أريد.."
ثم قفزت من فوق كرسيها،لقد أحست بأنني بصدد إظهار بعض غرائزي
" لقد لوث كل شيئ" قالت "لقد كان كل شيئ جميل و طبيعي حتى أدخلتنا لهده التفاهات ..يالا الأسف لا تستطيع حتي التحكم في نفسك.. ؟؟؟"
"أنا لم أبتدعها"أجبتها" إنه شيئ طبيعي.. إنه الحب"
"حسنا، إدا كان ما تتكلم عنه هو الحب، فإنه مختلف بالنسبة لي، و لم أحسسه يوما.."
"لكن عليك أن تحسيه، أنت بجمالك، بروحك، آه يا أودين، لقد صنعت من أجل الحب، عليك أن تحبيني.."
" إدن علي أن انتظر حتى يأتي"
" لكن لمادا لم تحبيني أنا الى حد الان يا أودين ؟ هل الأمر متعلق بمظهري أم مادا ؟ ؟"
استرخت قليلا، ثم مدت يدها في أتجاهي، و ضغطت على رأسي بيديها الناعمتين، و نظرت الى وجهي و ابتسمت، إبتسامة حزينة.و أجابت "لا ليس دالك" و قالت "أنت على الأقل لست من اولئك الأشخاص المغرورين، لهدا يمكنك أن أوكد لك بصراحة أن الأمر لا يتعلق بمضهرك، إنه يتعلق بشيئ أعمق.."
"هل هي شخصيتي ؟ ؟"
فأماءت لي برأسها بقسوة..
" إدن مادا يمكنني أن أفعل لتحسينها ؟ هل نجلس سويا و نناقشها ؟"
نظرت إلي بإرتباك و جلست على مقعدها
قلت لها " الان اخبريني ما الدي ينقصني؟"
هي : " أنا أحب شخصا اخر"
فكان دوري للأقفز من الكرسي
هي :" لكن لا يوجد شخص بالتحديد ( بابتسامة عريضة على وجهها)، فقط هناك فارس أحلام في مخيلتي أبحث عنه، و لازلت لم أجده الى حد الان."
أنا : "إدن فأخبريني كيف هو مظهره ؟"
هي :" ربما هو يشبه كثيرا"
أنا:" آه ما ألطفك بقولك هدا،لكن أخبريني، ما الدي بمقدوره أن يفعل و لا استطيع فعله ؟ هل هو بطل التيتانيك، كزنوفة، دونخوان .. ؟ فقط أخبريني و سوف احاول أن اكون مثله، فقط أعطيني فكرة لأكون الشخص الدي يسعدك.."
ضحكت على مرونةشخصيتي و قالت،"حسنا في المقام الأول، لا اعتقد اني أريد مثل هؤلاء الأشخاص الدين دكرتهم، كما انني أريد رجلا بشخصية مثابرة و قوية، و ليس على استعداد ليكيف شخصيته مع الشخصية التي تعجب محبوبته،ففارس أحلامي هو رجل يستطيع أن يصل الى أي شيئ يريده،رجل ارى الموت في وجهه دون أن اخاف منه،رجل بأفعال عظيمة و تجارب قوية،فانا لن احب جسد الرجل ،/ بل سوف احب انجازاته و بطولاته التي حققها،هدا النوع من الرجال هو الدي يمكن للمرأة أن تعبده بكل روحها،و يكون حبها له هو العظم..
أنظر الى الفتى الدى تناقلت أخباره وسائل الإعلام ليلة البارحة،و الدي كان عازما على الذهاب الى محبوبته عبر منطاد، و قد دفعته الريح بعيدا حوالي 50000 ميلا، فوجد نفسه في مكان بعيد جدا عن محبوبته،و أصر إلا ان يدهب إليها في تلك الأجواء.
فكر في المراة التي يحبها، و كيف أن النساء الأخريات، سوف يحسدونها علي محبوبها،و سوف يتمنون لو كانوا مكانها،هكدا أريد ان أكون أنا ، أريد جميع النساء، ان يحسدنني على رجلي و يتمنين لو كن مكاني.."
" لكن لا يمكننا جميعا ان نكون مثل هدا الفتا، بالاضافة الى اننا لم تتوفر لنا الفرصة،فانا لم تتح لي الفرصة يوما، و لو اتيحت لجربت" قلت لها.
قالت بنبرة واثقة من نفسها"الفرص هي كلها حولك،و نوعية الرجال التي أبحت عنها، هي تلك التي تخلق فرصها و حظوظها بنفسها،فالبطولة توجد حولنا جميعا، و تنتظرنا لنقتنصها،و انتم معشر الرجال هم الأولى بقتناص هده البطولة، اما نحن معشر النساء، فدورنا هو الإحتفاض بحبنا لهدا النوع من الرجال كمكافأة لهم."
" حسنا سوف افعل إدا كان دالك يسرك" قلت لها .
رسمت إبتسامة عريضة على محياها و قالت "لايجب ان تفعلها فقط لتسعدني،يجب أن تفعلها للأن دالك شيئ طبيعي بداخلك،يجب ان تفعلها لترضي الرجل الدي يوجد بداخلك و الدي يصرخ بعبارات بطوليةو يسعى الى البطولة.. فنحن معشر النساء النساء نبحث عن هؤلاء الرجال عن هؤلاء الأبطال.."
يونس زكور

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين