حوار محمد العوني... لابد من دستور ديمقراطي جديد للشعب المغربي


محمد العوني: منسق حركة المطالبة بدستور ديمقراطي، ومنسق الشبكة المغاربية لمساندة الشعوب؛

عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد












عزيز إدمين : ما هي المرجعية التي تعتمدون عليها للمطالبة بدستور ديمقراطي؟


محمد العوني: ننطلق من مرجعية النضال الوطني الديمقراطي والتراكم الدولي في مجال بناء الديمقراطية و دولة الحق والقانون والمؤسسات و تجارب الانتقال الديمقراطي، أي ننطلق من التوجهات والميول الديمقراطية لأجيال من المناضلين في المغرب والعالم. فقبل بداية الاستعمار بالمغرب، طرح المغاربة موضوع الدستور الديمقراطي، وقد عشنا مؤخرا الذكرى المئوية لمشروع دستور 1908، قبله كانت هناك محاولات أخرى. هذا يعني أن الوعي الديمقراطي بالمسألة الدستورية حاضر منذ سنوات طويلة، وطبعا هذا الرصيد مؤثر في عمل أي مطالب بمراجعة الدستور.

والجانب الثاني هو أن الديمقراطية نظام له قواعد وأسس عالمية، أي أصبحت لها مرجعية مشتركة أفرزتها التجارب الإنسانية وتراكماتها، وفي قلب هذه الأسس هناك التعاقد المكتوب و الوثيقة الدستورية هي التي تعكس هذا التعاقد، كعلاقة بين الحاكمين والمواطنين.

وبالتالي لا يمكن لنا في كحركة مطالبة بدستور ديمقراطي إلا أن نعتمد هذه المرجعية الكونية، التي تعتبر أن من أسس الديمقراطية- ومهما كانت الخصوصيات-أن تكون هناك وثيقة دستورية ديمقراطية تشكل القانون الأساسي للبلاد. وفي المغرب لابد من تطوير وتعميق رؤيتنا لهذه المرجعية، للأسف نقاشاتنا ترتبط أكثر ببعض النقط فقط نظرا لأننا في المستوى الأولي من البناء الديمقراطي ومازالت الدولة بعيدة عن تلبية الحاجات الأساسية في هدا الباب، فبعض المواضيع المهمة التي ينبغي أن ينكب عليها النقاش لم نصل لها بعد.

س: في كل مطلب دستوري هو مرتبط بظرفية سياسية وطنية وتحولات دولية، ونحن الآن في الألفية الثالثة لما لها من تطورات متعددة من ضمنها طبيعة الدستور الديمقراطي، في نظركم ما هو الدستور الديمقراطي؟ نتجاوز شكلا نية وضع الدستور ولنتحدث عن مضمون الدستور الديمقراطي.

ج: أشرت إلى نقطة مهمة وهي ما يسمى بهندسة الدستور، و قد اصبحت اليوم علما مستقلا بذاته، يطرح العديد من المستجدات وكثيرا من المعادلات، عبرها يتم تناول الاختيارات الكبرى للدساتير، وهذا ليس مرتبط بالشكل فقط ، وان كان الشكل في الدستور مرتبط بالمضمون، فهناك من يتحدث عن دستور طويل كاختيار مقابل آخر مع دستور قصير يفرض أن تلحق به ترسانة قانونية تنظمه...


س: ما هي المضامين التي ترونها ضرورية في أن يتضمنها الدستور الديمقراطي؟

ج: الحركية الآن في المغرب تتميز بتعددها، وبالتالي نجد داخلها مثلا الأحزاب السياسية تركز على فصل السلط وعلى العديد من الجوانب من أجل تحصين البناء الديمقراطي. ونجد مثلا اتحاد كتاب المغرب الذي يركز على مسألة واحدة ولكنها مهمة، وهي كيفية التأصيل للحقوق الثقافية عامة كحق إنساني. النقابة الوطنية للصحافة ونادي الصحافة يطالبونبدسترة الحقوق في الاتصال والإعلام . الجمعيات الامازيغية تركز على دسترة الامازيغية كثقافة وكلغة.

س: دسترة اللغة الامازيغية بشكل رسمي أو وطني؟

ج : الحركية تجمع كل الآراء سواء الجمعيات المطالبة برسمية اللغة الامازيغية أو وطنيتها، فنحن لأول مرة في المغرب نجمع جميع الآراء حتى على مستوى مراجعة الدستور هناك اختلافات فهناك من يرى ضرورة تعديل الدستور، البعض الأخر يعتقد أن التعديل غير كاف لوحده لأننا نحتاج إلى مراجعة جذرية، والبعض الأخر يدعو لإعادة تأسيس أو وضع الدستور و رأي آخر بين هذا وذاك. المهم أن في كل لقاء نجد ا ن هاته الأطراف تتعرف على بعضها البعض ويحصل التقارب. وبالتالي هناك نقط التلاقي فهناك إجماع على إعلان التأسيس الذي اعتمدته مثلا حركة المطالبة بدستور ديمقراطي.

س: مادامت هناك نقط تقاطع لماذا لا يتم صياغة مذكرة أو وثيقة نموذجية لدستور ديمقراطي؟ .

ج: نحن نعمل حاليا على الوصول أو فتح الطريق إلى صياغة وثيقة أو أرضية المبادئ الكبرى للدستور الديمقراطي المغربي في حركة المطالبة بدستور ديمقراطي. وفي تجربة الحركة نعتقد أنه يجب التدرج لإنضاج المطالب واهم شيء إنضاج التلاقي لترسيخ الحد الأدنى و تعزيز القواسم المشتركة، ومن وجهة نظري ليس من المفيد الآن في بلادنا أن نقدم بديلا دستوريا أو دستورا نموذجيا، لاعتبار تعدد الاختيارات وتعدد المطالب بين الأطراف العضوة. من أقصى حدها اليميني إلى أقصى حدها اليساري في إطار الديمقراطية وبالتالي تتلاقى لدينا رؤية حزب التقدم والاشتراكية مع رؤية النهج الديمقراطي.

س: ما هي مكونات اليمين المنتمي للحركة معكم ؟ مع العلم بوجود تيارات يمينية لها رؤيتها ومطالبها للإصلاح الدستوري.

ج: لا تنتمي إلى الحركة إلا المكونات الديمقراطية فقط.وهذا شرط أساسي.

س: بمعنى أن اليمين في المعرب غير ديمقراطي؟

ج: اجل في المغرب يمين غير ديمقراطي.من يعتبر نفسه يمينا وهو مخلوق، كالأحزاب المصنوعة وتعتبر نفسها ليبرالية، فهي براء من الليبرالية والديمقراطية.

س: إذا كان هناك يمين ديمقراطي ممكن أن يلتحق بالحركة؟

ج: نعم ضمن نقاشاتنا في الحركة اتفقنا على إمكانية التحاق حزب القوات المواطنة كحزب ليبرالي.

س: ما هو المعيار الذي تقيسون به هل هذا ديمقراطي أم غير ديمقراطي؟

ج: معايير معروفة وهي أن تكون ممارسته منسجمة مع الديمقراطية ومستقلة عن مواقف الدولة ولا علاقة للدولة بخلقه. فنحن نعرف تجربة المغرب في هذا المجال، وأنا أتمنى أن يكون في المغرب حزب يميني حقيقي يدافع عن ليبراليته. لكن للأسف لدينا ليبرالية مشوهة حتى عن الليبرالية المتوحشة.

س: في حالة ما إذا طالبت الأصالة والمعاصرة أو حزب العدالة والتنمية الانخراط في الحركة. بحكم أن الاول له تصوره لإصلاح دستوري مبني على الجهوية والثاني تصور مبني على توسيع صلاحيات الحكومة والبرلمان. ما هو موقفكم؟

ج: كل طلب يناقش داخل الحركة وكما قلت سبق أن توصلنا الى انه إذا طلب حزب القوات المواطنة الالتحاق بالحركة سوف ينظر في الأمر بالإيجاب. أحزاب أخر و جمعيات كذلك اقترحت ولكن رفضت، اعتبرنا أنها غير ديمقراطية أو غير مستقلة.

س: هل كان هناك طلب من قبل الأصالة والمعاصرة بالالتحاق بالحركة؟

ج: لا، كان هناك اقتراح من قبل احد الأعضاء لأحد الأحزاب دون ذكر اسمه لدخول الحركة ولكن تم رفض الاقتراح بعد النقاش.

س: الآن نريد أن نعرف بعض النقاشات التي تدور داخل الحركة بخصوص بعض فصول الدستور ؟

ج: عموما هناك نقط كبرى متفق عليها كفصل السلط، ارتباط صناعة القرار بالإرادة الشعبية، العمل على إدماج الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان داخل الدستور كالمساواة بين المرأة والرجل، الحقوق اللغوية والثقافية، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية و البيئية بالإضافة للحقوق المدنية والسياسية. إذن هناك نوع من التلاقي حول التنصيص على ما يؤسس للديمقراطية في الدستور.

س: في هذا الإطار ما هو النظام السياسي الديمقراطي الذي يمكن أن يؤطر دستور ديمقراطي؟، أي ما هو النظام الذي يحقق المعادلة بين ملكية وراثية لها مشروعيتها ونظام ديمقراطي يربط كما قلتم الإرادة الشعبية بصناديق الاقتراع؟

ج: في هذا الموضوع هناك رأيان كبيران داخل الحركة، رأي يقول بان الصيغة الديمقراطية الممكنة مع النظام الملكي هي الملكية البرلمانية. ورأي أخر يعتبر بأنه قد يكون هذا هو الصحيح لكن ليس المطلوب حاليا، ويعتبر انه يمكن أن يتحقق توافق مغربي من اجل أن تبقى صلاحيات الملك محفوظة مع الزيادة في صلاحيات الهيئات الدستورية الأخرى. ويعتبر انه يمكن الوصول إلى صيغة مغربية للملكية، وسطى بين ملكية مطلقة و ملكية برلمانية على غرار بريطانيا أو اسبانيا ، مع العلم أن لكل طرف حساباته السياسية وتقديراته الظرفية. و هذان الرأيان يتعايشان داخل الحركة ويعتبران النقاش والحوار أساسي من أجل دستور ديمقراطي.

س: نفهم من هذا التصريح أن الحركة فضاء للحوار لم تتحول بعد إلى حركة مطلبية واقتراحية؟ أي أنها حبيسة نقاشات صالونات.

ج: إذا كنت تقصد أن على الحركة أن تنتج دستورا بديلا فإنها لم تصل بعد لهده اللحظة ولكنها في طور بناء القاسم المشترك بين المكونات الديمقراطية للبلاد. من خلال إعلان التأسيس و أرضية المبادئ الكبرى، و يجب أن نعي جميعا أن الحركة لا تملك عصا سحرية في المجال الدستوري. كيف نريد الدستور؟ هذا السؤال لا يمكن الجواب عليه بسهولة لأنه مرتبط بالمضمون وتوحيد المنهجيات للوصول إلى دستور ديمقراطي.

س: السِؤال الذي يطرح نفسه بحدة، هو ما بعد صياغة أرضية المبادئ الكبرى؟

ج: صياغة هذه الأرضية تعني وجود وثيقة لمخاطبة جميع الفرقاء السياسيين.

س: يمكن أن ترسل للملك؟

ج: هناك من المكونات من يرى ذلك وهناك من لا يرى ضرورة لذلك، لكن مناقشة هاته الأمور سابقة لأوانها.

س: ولكن الوصول إلى هاته المرحلة، قد يعصف بكل عمل الحركة إذا لم يكن هناك اتفاق مسبق؟

ج: أنداك سوف نرى كيف نعالج الموضوع، الأساسي الآن هو الوصول إلى بناء أرضية القواسم المشتركة ولا ننسى أن المغرب يتطور و قواه الحية تتجدد وتتحول في الاتجاه الايجابي رغم أن ما يروج عليها هو العكس.ودلك يدخل في إطار الحرب الإيديولوجية التي تتمنى أن ترمي بالطفل وماء الغسيل في نفس الوقت.

س: المسألة بديهة، يجب أن يتم تدبير من مثل هاته المساءل منذ الآن، وذلك في إطار التخطيط الاستراتيجي وإلا سوف تقع صراعات؟

ج: هذه نقطة سابقة لأوانها في عمل متدرج للحركة، فهناك عدة صيغ وبالتالي لا ينبغي أن نحبس أنفسنا في مسائل تقنية ومقترحات لها طابع جزئي لنفقد المضمون الأساسي لعمل الحركة، فعندما ننجز أرضية المبادئ الكبرى للدستور الديمقراطي، سوف ننتقل إلى كيفية العمل هل نقدم هذه الأرضية كعريضة للتوقيع من قبل المواطنين؟ هل نطرحها بشكل مفتوح على الفاعلين السياسيين خارج الحركة؟ هل ندعو لطاولة وطنية؟ هذه كلها صيغ مقترحة الآن.

س: اسمح لي، هل تعتبرون بعث رسالة إلى الملك أو تفعيل دور المؤسسات وحدود المجتمع المدني، مسائل تقنية وجزئية؟ أعتقد أن المسألة سياسية، ما بين إحياء التقاليد المرعية والاستعانة بالمؤسسات الحداثية.

ج: أنا اقصد تدبير المقترحات في هذا الملف، وما أشرت إليه هو موجود بين مكونات الحركة. هناك من يعتقد أن زمن المذكرات قد ولى، وطرف يعتقد انه لا يمكن ممارسة السياسة دون التوجه للملك. وبالتالي الجواب الحاسم يملكه المستقبل.انما تاكد بان بامكان الحركة ان تجد الجواب الملائم وان تطور طريقة طرح المسألة الدستورية. لا يمكن أن نعتبر أن الشعب المغربي عقيم ولا يستطيع إبداع صيغة للمطالبة بالدستور.

س: أريد أن اطرح بعض القضايا وما هي المناقشات الجارية داخل الحركة. فيما يخص الفصل 19، ومسألة إمارة المؤمنين؟

ج: في الحركة لدينا أراء متعددة، فهناك من يعتبر أن الفصل 19 هو دستور داخل الدستور، وهناك من يعتبر أن المشكل لا يكمن في الفصل 19 وإنما المشكل يكمن في بناء الدستور، وان تكون هناك ممارسة حقيقية للسلطات والصلاحيات من قبل كل المؤسسات.

س: هنا لابد من التذكير بخطاب سابق للملك الراحل القائل بلا فصل السلطات أمام أمير المؤمنين، وفي نفس الوقت تقولون بكون هناك إجماع داخل الحركة على مبدأ فصل السلط. إذن لا وجود لمنطقة رمادية في هذا المجال يا أبيض يا أسود. كيف يتم تحقيق هذا التوازن؟

ج: قراءتنا للمواقف تخولنا أن نحكم عليها بأنها رمادية وبيضاء وسوداء او حمراء حتى، ولكنها تبقى أحكام فيها التأويل وفيها التحليل ، والمهم لدينا أن كل الأطراف داخل الحركة من اجل المطالبة بدستور ديمقراطي تؤمن بضرورة مراجعة الدستور، كيف وما هو المضمون هذه طبعا مسألة سياسية كبرى تحتاج للعديد من النقاشات لنصل إلى صيغة مشتركة تتيح الاجتهاد في تأسيس البناء الديمقراطي، وكدا في عدم تضخيم الاختلافات في النظر إلى هذا الموضوع أو داك لتتحول إلى خلافات سياسية لا علاج لها، الايجابي الآن في المغرب والذي تحاول الحركة أن تؤكده، أن أطراف كثيرة وحتى التي ليس لديها وضع ديمقراطي، تعتبر أن الدستور لابد من مراجعته. لكن المشكل هو أن أعداء الديمقراطية يحاولون إبعاد هذه المراجعة الحقيقية للدستور، بتوسيع وتضخيم بعض الاختلافات، فهناك مثلا من يعتبر مراجعة ا لدستور عمل انقلابي...

س: من مثلا؟

ج: شخصيات وأحزاب معروفة بانتمائها للمخزن تمثل الجناح المحافظ داخله . بينما هناك أراء أخرى تعتبر انه لا يمكن التقدم دون إعادة النظر في الدستور، وخاصة مع التجربة التي عاشها المغرب في إطار حكومة الأستاذ اليوسفي والتي سميت بين قوسين حكومة التناوب التوافقي، بعد هذه التجربة، والحديث عن الانتقال الديمقراطي، تبين للجميع بما في ذلك الأستاذ اليوسفي، أن الانتقال الديمقراطي ينبغي أن يؤسس على تعاقد حقيقي، وليس على توافق شكلي وضمني، تعاقد وطني تكون فيه التنازلات متبادلة.ولكن أعداء الديمقراطي يبعدون هذه المسألة ما أمكن.

س: داخل الحركة هناك الحركة الامازيغية والحركة التقدمية الديمقراطية والجميع متفق على العلمانية، ما هو موقف الحركة من هذا المطلب؟

ج: الحركة ليس لها موقف محدد وفي النقاش وهو طويل في هدا الموضوع هناك من يرى ضرورة إقرار العلمانية في الدستور واتجاه آخر لا يرى ضرورة لذلك.

س: هل ستنص أرضية القواسم المشتركة على ذلك؟

ج: لا أدري.إنما لا ننسى أن هناك نقط التقاء بين المكونات مثل فصل السلط وغيرها مما ذكر سابقا. مسألة العلمانية سوف ترى الحركة كيف تدبرها كملف بصيغة ايجابية، وطبعا ليس من الضروري إعطاء أجوبة على كل القضايا.نحن نعمل في مجال السياسة وهو يتطلب تعزيز القواسم المشتركة لتحقيق المطالب دون تأخر ويبقى المجال مفتوح للمزيد.علما أن القضايا تتفاعل مع بعضها البعض .كما أن مكونات حركة المطالبة بدستور ديمقراطي تتفاعل فيما بينها.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

الرجة الثورية العربية على ضوء نظريات الثورات والاحتجاجات لعبد الحي مودن