الحاقدون الجدد



الحاقدون الجدد 

تتجه مختلف التقارير والدراسات على اعتبار أن الشباب هم حاملي مصير مجتمعاتهم ورهانات بناء الدولة الديمقراطية، لعدة أسباب لا يتسع المجال لذكرها، منها الجانب السكولوجي والاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، والتي غالبا ما تنطلق من إحساسهم باليأس والغبن و"الحكرة".

عاش المغرب متأثرا بالاضطرابات والاحتجاجات التي عرفتها المنطقة المغاربية والعربية، وبرز نموذج شباب مغربي يفند كل الاطروحات الكلاسيكية، ويؤكد تعلقه واهتمامه بالشأن العام وانخراطه بالسياسية ولكن وفق أدواته وأليات اشتغاله المتحررة من كل القيود، ولا يربط مواقفه بتكلفة رهانات الربح والخسارة.

ساعد المغرب في تجاوز "محنته" بسرعة عاملين، أولهما خطاب 9 مارس، والذي اعتبر خطوة أولى للدولة في اتجاه التفاعل مع نبظ الشارع، ولما حمله الخطاب من وعود  بمثابة مفاتيح أبواب "الملكية البرلمانية"، والعامل الثاني تمثل في نضج شبابه ووعيه بالدور المرحلي الذي يجب الانكباب عليه، وألا وهو الانتقال من الاحتجاج الى البحث عن سبل جديدة من داخل الجدار السميك للدولة وصنع ثقوب به لتسريب رياح الحرية والمساواة والمساءلة.

ثلة من الشباب لم تعي، أو لم تقتنع بالادوار الجديدة واستمرت في نفس النهج بحمل أعلام حركة 20 فبراير، واستمرت في الحفاظ على عذريته ونقائه "الملائكي" اتجاه المؤسسات والسياسة، رغم موت الحركة معنويا وسياسيا، وأوفو بعهد الشهيدة بحمل نعشها كنوع من النوستالجيا.

للاسف أن النعش أصبح يزعج الدولة كثيرا، وخاصة بعد أن وطدت ركائز سيطرتها وهيمنتها، من خلال انتخابات تشريعية سابقة لاوانها وقيادة الحكومة من قبل رجل حزبي يتقن دور التخلي عن صلاحياته ويتفنن في اغتيال الدستور بما جاء به من مكاسب، وعودة أداتها السياسية في المشهد بعد إعادة إنتاج مشروعيتها وبناء ذاتها من جديد.

النعش يذكر صقور النظام أنه تم تضيع ثلاثة سنوات من عمر الدولة من أجل المزيد من ضبط الحقل السياسي والحد من نفوذ "المزعجون" الجدد ذوي الصبغة الاسلامية، وأن استراتيجية تأجل موضوع الديمقراطية وحقوق الانسان الى حين في مقابل الانكباب على اولويات التنمية التي تسكت الافواه الجائعة.

فماذا هذا الحقد على شباب كل ذنبهم أن حلم يوما ما ولازال يحلمون أولوية نطق كلمة الحرية حتى لو كان البطن جائعا؟

ما هذا الحقد على "حاقد" على "الوضعية" لا يحمل سوى كلمات يتغنى بها؟

وما هذا الحقد على شباب 6 أبريل جرأتهم أنهم لبوا نداء مركزيات نقابية؟

وما هذا الحقد على حميد علا الذي لم يكن يحمل "مدفعية" بل فقط كاميرا لتوثيق الحدث ويكون شاهدا على ما يقع أمام الرأي العام؟

فماذا ننتظر من هؤلاء الشباب بعد خروجهم من السجن؟ سوى المزيد من اليأس والمزيد من الانغلاق ورفض المؤسسات.

فهنيئا لكم أيها الحاقدون الجدد، فالانتقام بأثر رجعي، ليس من شيم "دولة" تحترم نفسها، وليس من شيم "الرجال".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين