المغرب ضمن "نهضة الجنوب: تقدم بشري في عالم متنوع"



المغرب ضمن "نهضة الجنوب: تقدم بشري في عالم متنوع"

"نهضة الجنوب: تقدم بشري في عالم متنوع" عنوان التقرير ال 22 الصادر عن برنامج الامم المتحدة الانمائي لسنة 2013، والذي سجل فيه تطور بقوة في مجموع الانتاج لثلاثة دول وهي البرازيل والصين والهند في أفق سنة 2020 حيث سيتجاوز مجموعها مجموع انتاج كل من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة وأمريكا، ويقدم أربع عناصر للاستمرار بالنسبة لدول الجنوب من أجل التقدم الانمائي وهي: المساواة بين الجنسين وإعلاء صوت المواطنين وتمكينهم من المشاركة ولاسيما الشباب ومواجهة الضغوطات البيئية ومعالجة التغييرات الديمغرافية.
يتطرق التقرير إلى المغرب باعتباره دول عربية متوسطة النمو، وقد ساعدها في ذلك العلاقات التجارية التي بناها مع دول الجنوب، حيث بلغت أزيد من 100 معاملة تجارية، بفضل الثورة التكنولوجية التي أدت الى الترابط بين الشعوب والتقارب بين القارات.
وسجل التقرير أن المغرب أيضا سعى الى النهوض بالدعم الصحي الذي يتجاوز مجرد تقديم خدمات صحية، الى تحقيق مكاسب هامة في مجال متوسط العمر، من خلال توسيع شبكة التلقيح واعتماد تكنولوجيا الصحة والدواء والاستثمار في مجال القطاع العام والخاص، فهناك علاقة عضوية بين الصحة وارتفاع الفقر، حيث أن أزيد من 10 في المائة من سكان المغرب يعيشون في فقر متعدد الابعاد و 4 في المائة منهم يعيشون بأقل من دولار في اليوم، ودعى التقرير الى كفالة حق كل فرد في الرعاية الصحية من خلال تغطية شاملة والعمل بنهج الخدمات الصحية العامة الموجهة للفقراء.
كما سجل التقرير تأثر المغرب بالأزمات التي عرفتها المنطقة من التشكيك في شرعية الحكم والتي أدت الى انتفاضات أسقطت حكومات، مثل تونس ومصر، إلا أن المغرب أطلق إصلاحات سياسية، ولكنه نبه الى أن من طرق الاستقرار وتحقيق التغيير السلمي هو إتاحة الفرصة أمام المجتمع المدني للنمو في أجواء من الحرية في الممارسة، وأن التجربة التي عاشتها المنطقة تظهر أن تغيير الانظمة السياسية لا تؤدي تلقائيا الى إدعاء صوت الجميع ولا تضمن المشاركة أو الاندماج والمساءلة، ولا يعزز تلقائيا فعالية الدولة.
كما أن المشاركة والمساءلة لا تعني بالضرورة الجانب السياسي بل أيضا الجانب الاقتصادي والاجتماعي خاصة للدول التي تعرف عددا متزايدا من أصحاب التحصيل العلمي، وتزايد أعداد العاطلين ساهم في الانتفاضات الشعبية الأخيرة. التي أظهرت أن تفاوتات بين فرص التعليم والفرص الاقتصادية يقود إلى حالة من اليأس والضياع، لاسيما في صفوف الشباب.
وفي هذا السياق فإن الوصفة العلاجية من أجل تطور النمو بالمغرب يفرض أربع محركات:
المساواة: إذا كانت المساواة هدف أساسي في حد ذاتها، فإنها أيضا ضرورة لتحقيق التنمية البشرية، وركيزة المساواة هو تعميم التعليم لانه يخلق الثقة في النفس ويسمح بفرص عمل أفضل ويساهم في المشاركة في النقاشات العمومية، كما أنه يساهم في تطور الصحة العمومية، وأي إخفاق في اعتماد سياسات طموحة لتعميم التعليم الابتدائي سيؤثر سلبا على الأبعاد الرئيسية للتنمية البشرية للأجيال المقبلة.
المشاركة والمساءلة: يعتبر التقرير أن مسارات التنمية البشرية على الصعيد الوطني لن بالنتائج المنشودة ولن تحقق الاستدامة ما لم يشارك الأفراد مشاركة حقيقية في الأحداث والإجراءات التي تؤثر على حياتهم.
وبالتالي فضرورة السماح للأفراد في إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، وخاصة الشباب الذي يجب دمجه في المشاركة السياسية وتمكينه من المساءلة، باعتبارهم هم من أكثر الفئات فعالية ونشاطا على هذا الصعيد، فإقصاؤهم من أسباب اليأس التي تدفعهم للانتفاض ضد الحكومات، أي تجاهل لهم قد يؤدي إلى تعثر التنمية البشرية، لأن الاضطراب يعوق النمو والاستثمار، فتجبر الحكومات الأوتوقراطية على تخصيص الموارد المالية لحفظ الأمن والنظام العام. ولا يمكن التكهن متى ينفد صبر المجتمعات.
خاصة وأن التقرير يؤكد أن الاحتجاجات الشعبية، ولاسيما تلك التي ينظمها المتعلمون، تندلع عندما يشعرون أنهم مستبعدون عن دائرة التأثير السياسي.
البيئة:  يطرح التقرير المشكل الدولي المتعلق بالتغييرات المناخية وإقتلاع الغابات والتلوث سواء البحري أو الهوائي باعتبارها مخاطر جديدة تحدق بمصير البشرية، وخاصة في الدول الفقيرة.
والملاحظ حسب التقرير أن الدول المصنفة في الخانة الدنيا من سلم التنمية البشرية هي الاقل بلدان مساهمة في التغييرات المناخية، ولكن تعود عليها بالاثار السلبية خاصة في الزراعة، مما يتطلب من كل دولة اتخاذ التدابير الضرورية لإيقاف نزيف التلوث البيئي، وكل تأخر في ذلك سوف تكون له تكلفة باهضة.
التغييرات الديمغرافية: يلاحظ التقرير أن اتفاع مستوى التحصيل العلمي يؤدي الى بطء معدل النمو السكاني، ولكن الاشكال أن افاق التنمية لا تتأثر بعدد السكان فقط ولكن بتركيبته العمرية، وفي هذا الاطار فإن "العائد الديمغرافي" الذي يحتسب بقسمة عدد الصغار وعدد المسنين على مجموع السكان في سن العمل، أي في الفئة العمرية من 15 إلى 64 سنة، يؤكد أن الافق في ميدان الشغل مغلق وبالتالي ارتفاع عدد العاطلين عن العمل.
ويطرح التقرير لتجاوز هذه الاشكالية بتحقيق أهم وسيلة وهي تعليم الفتيات، باعتبارها وسلية هامة للاستفادة من العائد الديمغرافي، فالمرأة المتعلمة حسب التقرير تنجب عددا أقل من الأطفال، وأطفالها يحظون بالرعاية الصحية الجيدة وبالتحصيل العلمي.
كما يطرح التقرير مشكلة أخرى تتمثل في ارتفاع نسبة المسنين في مقابل اخفاظ نسبة الولادات، مما يدعو التقرير الى عدم تجاهل شخوخة السكان.
وفي هذا السياق يطرح التقرير سيناريوهين في أفق سنة 2050، الاول يسميه بسيناريو الحالة المرجعية، ويدعو الى الاستمرار في الاتجاهات الحالية في التعليم، والثاني: سيناريو "المسار السريع" ويدعو فيه الى وضع أهدافا طموحة في التعليم، على أساس أن السياسات الطموحة في التعليم تسمح للبلدان بتخفيض معدل البطالة لديها لاسيما عند النساء.
ختاما، فالشباب والنساء كعماد التطور والنمو بالمعايير الدولية، فهما أصبحا في الحالة المغرب "حطب" الانتقام والمزايدات السياسية لانهم في مرحلة معينة طالبوا بالعدالة الاجتماعية والكرامة والحرية والمساواة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين