دوامة المجلس الدستوري



دوامة المجلس الدستوري
أصدر "المجلس الدستوري" المحترم هرطقة جديدة من الهرطقات التي تعودنا عليه منذ إقرار الدستور الجديد، مرة أخرى المجلس الدستوري يطرح موضوع ليسأل عن دوره الحالي ووظفائه في تبرير الخروقات القانونية والدستورية التي انخرط فيها كل الفاعلين السياسيين من رأس السلطة وصولا الى الاحزاب السياسية.
سبق وأن قدم المجلس الدستور قرارات كل ما يمكن القول عنها أنها صادرة عن غرفة تسجيل للديوان الملكي أو الامانة العامة للحكومة أو مطبخ وزارة الداخلية.
وفي هذا الاطار صدر قرار متعلق بتجريد السيد "أحمد حاجي" من عضويته في مجلس المستشارين، بناء على طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس.
وموضع القرار أن السيد "أحمد حاجي" صدر في حقه حكم جنحة إصدار شيك بدون رصيد، وصل الى غاية المجلس الاعلى الذي أكد التهمة في حقه بتاريخ 26 يناير 2011.
غير أن المجلس الدستوري أقحم مواضيع لم يكن معني بها في علاقة بإعمال الدستور الجديد، وقدم تفسيرات لبعض فصول الدستور متناقضة تماما مع الواقع.
ففي حيثيات اتخاذ قراره يتحدث المجلس الدستوري، عن المجلس الأعلى ويعتبرها هي "محكمة النقض حاليا"، بمعنى ذلك إزدواجية القضاء، فنفس الشيء بالنسبة للمجلس الدستوري الحالي هل هو المحكمة الدستورية؟، بالتالي في قرراته لماذا لا يكتب في "المجلس الدستوري/المحكمة الدستورية حاليا".؟
يقول المجلس الدستوري أن "لئن كانت مقتضيات المادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين توجب تنظيم انتخابات جزئية إذا قررت المحكمة الدستورية تجريد عضو بهذا المجلس من عضويته بسبب فقدانه الأهلية الانتخابية، فإنه يستفاد  مما قرره الدستور في فصله 180، مع مراعاة أحكامه الانتقالية، من نسخ نص الدستور الصادر في 7 أكتوبر 1996، وهو النسخ الذي يفقد هذا الدستور أي وجود قانوني لا يجوز معه إحياء بعض أحكامه والعمل بها أو الاستناد إليها" وبالتالي " يقضي بتجريد السيد أحمد حاجي من عضويته في مجلس المستشارين، دون إجراء انتخابات جزئية لشغل هذا المقعد الشاغر".
وهنا اشكالية تناقض المجلس الدستوري، إما أن تقديره هذا صائب وبالتالي وحكم المادة 92 من القانون التنظيمي غير دستورية، وباعتبار أن القانون التنظيمي لمجلس المستشارين صدر بالجريدة الرسمية بتاريخ 23 نونبر 2011، بعد أن اطلع المجلس على دستوريته، وهنا المادة 92 أقر بدستوريتها سابقا. أو أن المادة 92 دستورية حسب قراراه السابق بعد الاطلاع على القانون التنظيمي وتقديره في تعطيلها جانب الصواب.
ونضيف أن القانون التنظيمي لمجلس المستشارين يتحدث عن 120 عضو وليس 290 عضو حاليا، وهنا لا بد من المجلس الدستوري إما أن يتعامل مع القانون بشكل كلي أو عدم اللجوء إليه، أما بثر فقرات من مادة هنا وهناك وترك مواد وفصول أخرى معطلة، فهو عين العبث، فكان حري في هذا الحالة حل مجلس المستشارين بمجرد صدور قانونه التنظيمي.
يقول أيضا المجلس الدستوري "استمرار أعضاء مجلس المستشارين، بصرف النظر عن تاريخ انتخابهم، في ممارسة مهامهم بهذه الصفة إلى حين انتخاب المجلس الجديد، يقتصر على الأعضاء الذين كان يتشكل منهم هذا المجلس بتاريخ 29 يوليو 2011، تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ، ولا يمتد إلى غيرهم"
الفصل 176 من الدستور يقول : "إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان، المنصوص عليهما في هذا الدستور، يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما، ليقوما على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين" يعطي حصانة للمؤسسة بالاستمرارية، والتأويل الذي قدمه المجلس لاحكام هذا الفصل بإسقاط العضوية على السيد "أحمد حاجي" بمخالفته لمقتضيات القانون، فثلثي أعضاء مجلس المستشارين مخالفين للقانون بحكم انتهاء مدة انتبذابهم، واستمرارهم بمجلس المستشارين بفعل حصانة أحكام الفصل 176 تعطي للسيد "أحمد حاجي" أيضا حصانة وعدم إسقاط عضويته. وهنا إما إسقاط عضوية الثلث والسيد "أحمد حاجي" أو البقاء على الجميع حتى يكون التأويل منسجم مع ذاته، وليس ضدا على أحد وصالحا في نفس الوضعية لأخر.
يقول أيضا المجلس الدستوري " الأمر الذي يحول دون إمكان تطبيق ما تقتضيه المادة 92 آنفة الذكر من تنظيم انتخابات جزئية لشغل المقعد الذي سيصبح شاغرا في أعقاب تجريد السيد أحمد حاجي من عضويته بمجلس المستشارين؛" وهنا نطرح سؤال حول وظيفة المجلس الدستوري أن يفصل في القضايا المعروضة أمامه بمطابقة للقانون أو غير مطابقة للقانون؟ أو تقديره أن المادة معينة لا يمكن تطبيقها؟ فهل يوجد في العالم قانون غير قابل للتطبيق؟.
مرة أخرى يصدمنا المجلس الدستوري بفتاويه العرجاء والمشوبة بالعيوب، القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية يصبح من أوليات التي يجب على المخطط التشريعي الحكومي تناولها.
حكومة صماء ومجلس دستوري أعمى. 
                                                                             

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين