في ضرورة التعديل الحكومي.
في ضرورة التعديل الحكومي.
لم يسبق للمؤسسات الدستورية أن عرفت انتظامية ولايتها في
المغرب إلا بعد حكومة الاستاذ "عبد الرحمان اليوسفي"، فأول برلمان مغربي
تم تعليقه سنة 1965 بسبب "حالة الاستثناء"، نفس الشيء للبرلمانات
اللاحقة، منها من تم تمديد ولايتها الزمنية، ومنها من تم تقليصها، ولكن منذ برلمان
1997، و2002، و2007، أصبح مجلس النواب يستكمل مدة انتذابه كاملة، والملاحظ، في
التجارب الثلاثة السابقة، أن الحكومة تلجأ في نصف ولايتها الى تعديلات حكومية،
وكأن هذا الاخير صمام أمان ثبات البرلمان.
التعديلات التي عرفها المغرب في الولايات التشريعية
الثلاثة الاخيرة، كانت سنة 2000 مع حكومة الاستاذ "اليوسفي"، و2004 مع
الاستاذ "ادريس جطو"، و2006، مع الاستاذ "عباس الفاسي".
وبالتالي الحديث عن تعديل حكومي في حكومة الاستاذ "عبد
الاله بنكيران"، يكون مشروعا وعاديا، باعتباره أنه لم يعد مسألة تقديرات
وإنما ميكانيزم (ألية) استمرار الحكومة والبرلمان معا وتعايشهما.
والتعليلات المقدمة في هذا الاطار، تجد لها اسسها فيما
يلي:
Ø الانتقادات
التي رافقت تشكيل الحكومي، في الجانب الكمي، حيث كان صرح رئيس الحكومة المكلف أن
عدد الوزراء لن يتجاوز 15 ثم أعطى رقم 20 ثم رقم 25 ليستقر الامر في 30، وبالتالي
الحديث عن التعديل لا بد أن يرافقه تقليص العدد، وهو ما حصل مع الاستاذ عبد
الرحمان اليوسفي في تعديل 3 شتنبر 2000 حيث انخفض عدد أعضاء الحكومة من 43 الى 33
عضو.
Ø تعزيز حضور
المرأة وبعض الجهات غير الممثلة، وهي العاصفة التي شنتها الحركة النسائية وبعض
الاعيان في المناطق الجنوبية على حكومة "بنكيران" باقصائهن (هم)،
والحديث عن النساء والاقاليم الجنوبية هو حديث عن التزامات المغرب الدولية مع
الاتحاد الاوربي، ومن جهة أخرى تماسك المجتمع المغربي، وأيضا لتعزيز قضية الصحراء
في التفاوضات غير الرسمية مع جبهة البوليزاريو.
Ø البحث عن الحد
الادنى من الانسجام الحكومي، حيث لاحظ كل المغاربة التوثر الذي وقع ويقع بين أعضاء
الحكومة، كسبيل المثال مسألة نشر لوائح رخص النقل بين الوزير "الرباح عزيز"
و"نبيل بن عبد الله"، ومسألة دفاتر التحملات حيث أخذ الملف من يد "مصطفى
الخلفي" ومنحه للوزير السابق في الاتصال "نبيل بن عبد الله"،
والصراعات بين وزير العدل ووزير الداخلية في مسألة تعامل قوى الامن مع الاحتجاجات،
والصراع وتضارب الارقام والمعطيات بين الوزير "البركة" ورفقه في القطاع "الازمي"...
وبالتالي التفكير في الانسجام يفرض إعادة ترتيب البيت الحكومي من جديد وإعادة
توزيع الادوار من جهة أخرى.
Ø يروج السيد
حميد شباط بتقديم مذكرة تعديل حكومي، وهنا لا بد من العودة الى تجربة الاستاذ "عبد
الرحمان اليوسفي"، والمذكرة التي قدمها حزب الاستقلال في شخص أمينه العام "عباس
الفاسي" بتاريخ 6 أكتوبر 1999، التي تطالب بتعديل حكومي، الى الملك تحت
عنوان: "تحسين وتسريع وثيرة العمل الحكومي" والقائمة على ثلاثة محاور
وهي: تخليق الحياة العامة، برنامج اجتماعي مستعجل، تعزيز المؤسسات الدستورية
وتعميق الاختيار الديمقراطي، ونفس الملاحظات الموجهة الى "عباس الفاسي"
في "حينه وإبانه"، توجه اليوم الى الامين العام لحزب الاستقلال "حميد
شباط" والقائمة على اشكالية انتقاد حزب مشكل للاغلبية وصادق على البرنامج
الحكومي أن ينتقد أداء الحكومة، ومن جهة أخرى المحاور التي طرحها عباس الفاسي كانت
في برنامج حكومة اليوسفي، والمحاور التي يطرحها حميد شباط موجودة في برنامج
بنكيران.
إن مسألة العدد أو مسألة توزيع المرافق العمومية غير
مرتبط بالحاجيات والمطالب الاجتماعية، فالتجارب الدولية تؤكد أن حكومات ذات أعضاء
كبيرة لعدد سكان قليل كما أن حكومات ذات أعضاء قلائل في مجتمع تعداد سكانه يصل
عشرات المرات سكان المغرب. كما المرافق قد يتم تجميعها أو إعادة انتشارها، ولكنها
غير مرتبطة بأداء الحكومة أو وثيرة عملها.
إننا بالعودة لتجربة الأستاذ "عبد الرحمان اليوسفي"
تسمح بفك طلاسيم العمل السياسي المغربي، فحكومته التي كانت مسنودة بحزب الاستقلال
وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الحركة الوطنية الشعبية، نفس السندات توجد مع
الاستاذ "بنكيران".
فقط الاختلاف أننا كنا مع رجل دولة وبأدوات قانونية
ودستورية أقل من حجمه، والان مع رجل التماسيح بأدوات قانونية ودستورية أكبر من
حجمه.
تعليقات