بيان المجلس الوزاري ومبدأ التمثيلية
بيان المجلس الوزاري ومبدأ التمثيلية
صدر بيان عن أشغال المجلس الوزاري منعقد بمراكش بتاريخ 04 أكتوبر 2012،
يتناول موضوع تعيين السيد "على فاسي فهري" في منصب مدير عام للمكتب
الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
وقد تم الاستناد في حيثيات التعيين على أحكام الفصل 49 من دستور فاتح
يوليوز، وذلك بمبادرة من وزير الطاقة والمعادن، وباقتراح من رئيس الحكومة.
بالعودة إلى أحكام الفصل 49 نجد أنه يتم التعيين بظهير في المجلس الوزاري
في الوظائف المدنية،
التالية "والي بنك
المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي،
والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية"، ويحدد في الفقرة
الموالية من نفس الفصل: "تحدد بقانون تنظيمي لائحة هذه المؤسسات والمقاولات
الاستراتيجية".
وقد صدر
القانون التنظيمي رقم 02-12 المنظم للتعيين في المناصب العليا، بتاريخ في 17
يوليوز 2012، حيث اعتبر في الملحق الأول أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح
للشرب، ضمن المؤسسات الإستراتيجية، وبالتالي تخضع لأحكام الفقرة الأولى من المادة
الثانية من نفس القانون التنظيمي، وهي نفس الأحكام والمساطر المنصوص عليها في
الفصل 49 من الدستور.
إذن
فشرعية المكتب الوطني كمؤسسة استراتيجية يستمدها من القانون التنظيمي وليس من
الدستور، فالدستور حدد مناصب معينة باسمها، و"المكتب الوطني" غير مدرج
ضمنها، وبالتالي في غياب الإحالة على القانون التنظيمي في بيان أشغال المجلس
الوزاري تسمح بالقول أن "التعيين صحيح من حيث المضمون ولكنه "معيب"
من حيث الشكل".
ومع ذلك
تطرح مجموعة من الأسئلة، حول تغييب الإحالة على القانون التنظيمي، وأهمها ما هو الأثر
القانوني المترتب على صلاحيات المجلس الوزاري في حالة التنصيص على القانون رقم 02-
12؟
منذ
دستور 1970 وإلى غاية دستور 1996، كانت من بين الصفات التي يتمتع بها الملك وهي
"الممثل الأسمى للأمة"، إلى غاية دستور 2011، حيث استبدلت هذه الصفة ب
"الممثل الأسمى للدولة"، كما كانت أيضا في الدساتير السابقة أن " السيادة للأمة، تمارسها مباشرة
بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة المؤسسات"، فأصبحت مع دستور 2011 "
السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها".
إن هذين التغيير لم يكونا
اعتباطيين أو عبثين، بل لهما حمولة سياسية قوية، فالملك كان "ممثل الاسمي للأمة"
في مقابل "الممثل الأدنى للأمة" وهو البرلمان، وفكان الملك هو المشرع الأول
والمشرع الاسمي والبرلمان مشرع ثانوي ومشرع أدنى، كما أن "السيادة للأمة
بواسطة المؤسسات" كانت تتم وفق مستويين: مستوى الانتخاب، وهو البرلمان، الذي
يجد سقفه أمام "الممثل الاسمي"، والمستوى الثاني تتم بالتعيين الملكي،
فالملك باعتباره "ممثل أسمى" كان يفوض بعض تمثيليته لأشخاص يقوم
بتعيينهم، فيكونوا أعلى من مستوى البرلمان، وهو ما كان يترجم أن الأفراد المعنيين
بظهير يكونون خارج إطار المسألة والمحاسبة من قبل الممثل الأدنى الذي هو البرلمان.
لكن مع دستور فاتح يوليوز أصبحت "سيادة
الأمة" حصرية بواسطة المؤسسات المنتخبة أي البرلمان، و"الممثل الوحيد للأمة"
هو البرلمان بعد أن تحول الملك إلى ممثل أسمى للدولة.
من خلال ما سبق، فإن عدم الإحالة
على القانون التنظيمي في تعيين السيد "علي فاسي فهري"، هو ضرب لمبدأ
التمثيلية، التي "قيدت" صلاحيات تعيين الملك في المناصب العليا في 37
منصب فقط، ومن جهة أخرى تعتبر إشارة سياسية قوية أن الملك يشتغل فقط بأدوات
الدستور وليس بأدوات القانون الصادر عن "الممثل الوحيد للأمة".
إن الديمقراطية الحقة تقتضي أن
جميع المؤسسات وجميع الأفراد خاضعون للقانون مهما كانت الجهة الصادرة عنه ومهما
كانت مرتبة القانون: دستور أو قانون تنظيمي أو قانون عادي.
تعليقات