السلطوية بالمغرب


















السلطوية بالمغرب
عزيز ادمين
باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري
Aziz.idamine@gmail.com



لا يقصد بالسلطوية ذلك النظام الذي يقطع الرؤوس أينما أينعت، وإنما هو نظام سياسي واجتماعي وثقافي، يتميز بانغلاق قنوات التواصل بين الدولة والمجتمع، كما انه نظام اوليغارشي لا يسمح بتعدد وتداول النخب.
من الناحية السياسية، فالسلطوية تعني انفراد الحكام بفي العملية السياسية برمتها. وفي المغرب نجد الملك هو في نفس الوقت رئيس دولة و سلطان وأمير المؤمنين. أي يجمع في يده من خلال الفصل 19 جميع الاختصاصات الداخلية والخارجية، الدينية والدنيوية، الزمنية والروحية، ويتم أجرأت هذه المهام في هندسة دستورية رزينة، انطلاقا من تقديسه إلى تعيينه للمناصب الوزارية والسامية، مرورا بافتتاح البرلمان وعدم مناقشة خطاباته.
أما السلطوية الاجتماعية فهي تظهر في شكل طبقة أو فئة اجتماعية تهيمن على باقي مكونات المجتمع أو مؤثر فيه. وتجد مشروعيتها في التاريخ أو التقاليد أو الوضع السياسي الذي يسمح لها بجني ريع خضوعها. وفي مسح على الخريطة السياسية والإدارية المغربية نجد أن هناك شريحة أو اتحاد عائلات بنت إستراتيجيتها على أساس الزواج بشكل مركزي، تحتل مهام ومناصب حيوية في النظام المغربي. وقد حدد جون واتربوري في كتابة "الملكية والنخبة السياسية" لائحة بأسماء عائلات مغلقة تنتمي في غالبيتها لمدينة فاس. تؤثر على المجتمع، وهذه السلطوية الاجتماعية تقوم بدور سلبي جدا، لأنها تجمد الوضع الاجتماعي بل أنها يمكن أن توقف التطور والتقدم الحضاريين للمجتمع.
أما السلطوية الثقافية تقوم على ثنائيات لا ثالثة لها، ابيض/اسود، خير/شر، إيمان/كفر، بمعنى عدم وجود مناطق رمادية، الشيء الذي ينعكس على انعدام الحوار وثقافة الاختلاف والقبول بالآخر، والخطير في الأمر هو قيام بعض التيارات الثقافية، كالإسلام السياسي، على تكفير كل من لا يؤمن بمنطلقاته ومبادئه، ويفرض تصورا واحدا وموحدا على المجتمع، يتميز بالانغلاق والتزمت ومعاداة الآخر، بل ويجب الجهاد في كل من ليس معهم، بمعنى آخر فان السلطوية الثقافية تقوم على الإرهاب المعنوي للمجتمع حتى لو لم تستخدم العنف الفيزيقي.
يلاحظ أن للسلطوية أوجه متعددة، وعملية الإصلاح تقتضي إصلاح:
ü بنية النظام السياسي
ü بنية المجتمع
ü البنية الثقافية
أن إصلاح هذه الأوجه الثلاثة يقتضي إما معجزة وبالتالي الارتهان إلى أفكار ميتافيزيقية، أو قيام ثورة فيطرح تساؤل حول شروطها المادية والموضوعية.
بيد أن بداية الإصلاح السياسي كمتغير مستقل (أصلي) قادر على إصلاح المجتمع والثقافة السائدة كمتغير تابع (فرعي).
وعملية الإصلاح السياسي ينطلق من تياران:
الدولة التي ترى عدم الخضوع للضغوطات الخارجية والداخلية، والتدرج في الإصلاح انطلاقا من فتح اوراش تنموية، فالتنمية هي القاطرة نحو الديمقراطية.
والتيار الثاني يدعو إلى صفقة شاملة للإصلاح، تنطلق من خطة متكاملة ومحددة زمنيا وتنفيذيا، وعدم الاهتمام بذريعة التدرج، بل يجب البدء من تحديد دقيق لعلاقة الحاكم بالمحكومين، فالديمقراطية تقود في آخر المطاف إلى التنمية، وذلك بتغيير جذري للنظام.
لكن يثور سؤال حول مدى الاستعداد النفسي والمعنوي للنخبة الحاكمة أن تتنازل طوعا وبدون ضغوطات للتغيير الجذري؟.
أن الديمقراطية والتنمية معادلتان متلازمتان ومتعاكستان، فالديمقراطية والتنمية معا يحققان الديمقراطية والتنمية، وبالتالي فالإصلاح السياسي يجب أن يكون اشمل وأوسع من الإصلاح الدستوري.
ويقوم الإصلاح السياسي على صفقة تدشن الإصلاح الشامل من خلال تنصيصها على:
ü إصلاح منظومة الحقوق بالانتقال من الحقوق المقيدة إلى الحقوق المفتوحة؛
ü إصلاح هيكلي، أي من الدولة الأمنية إلى الدولة التي تحتفي بالمواطن وتقدسه؛
ü إصلاح قضائي، والانتقال من قضاء تابع إلى مستقل؛
ü إصلاح حزبي، من هش وعتيق إلى مؤهل؛
ü إصلاح إعلامي ينطلق من إعلام متعدد شكليا ولكن مضمون واحد إلى إعلام متنوع؛
ü إصلاح ديني، من شعبي ورسمي إلى التجديد الديني وإخضاعه للحداثة والعقلانية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقارنة شكلية بين دستوري 2011 و1996

نظام الحكم في المغرب

قراءة في كتاب دستور 2011 بين السلطوية والديمقراطية، لحسن طارق وعبد العالي حامي الدين