النزاهة المفترى عليها
حصيلة انتخابات 12شتنبر2003 وأخواتها
النزاهة المفترى عليها...
لحساب من يتم تأجيل التسوية التاريخية لمسألة السلطة والديموقراطية في المغرب؟سؤال بحجم الفجيعة ردد صداه كل الوطن عقب اقتراع الثاني عشر من سبتمبر 2003 ..ولا من مجيب، هذا هو قدر السياسة في بلادنا أسئلة بحجم جبال الأطلس وأجوبة-إن وجدة- بحجم حبة البرد ما تلبث أن تذيبها حرارة الأسئلة.هذه هي الاستراتيجية التي تدار بها شؤون المغاربة منذ مدة غير قصيرة فكم من أشياء قضيناها بتركها..الزمن هو الوحيد الكفيل بأن يكشف النهج الانتحاري الذي نسير فيه لان إرادة الشعوب لايمكن أن تكون محلا للمزايدة ما بين أطراف الصراع السياسي وخاصة البواسين الجدد الذين يتشبهون اليوم بنماذج لاردها الله، كنا نعتقد أن المسار الذي اتخذه المغرب منذ1998 كفيل بأن يجعلنا نتذكرها فقط عندما نثير التاريخ السياسي للمغرب، أما أن نستحضره ا لتحليل الواقع السياسي لما بعد 16 ماي 2003 فهذه ردة تنطوي على مخاطرة كبيرة لا الظرف الوطني ولا الجهوي ولا الدولي يسمح بها.
من أهم الخلاصات الأساسية للانتخابات الجماعية الأخيرة هو ما أسماه عبد اللطيف جبرو:الانتقال من أصحاب الحال إلى أصحاب المال، وأضيف من عندي أصحاب أصحاب الحال أي الزواج الكاثوليكي الموجود دائما وأبدا مابين المال والسلطة؛ وفضيحة تطوان هي فقط الشجرة التي تخفي الغابة، فالسلطة مفسدة في الدول الديموقراطية فما بالك بأشباهها من طينتنا..
فمنذ سنوات والقوى الوطنية الديموقراطية تطالب بنزاهة الاقتراع واعتبرته لفترة طويلة من الزمن المِؤشر الأقوى على الانتقال الحقيقي لنادي الدول الديموقراطية وكنا نقول أن النزاهة بدون أفق المشاركة الحقيقية في الحكم هي فقط نكتة لا تضحك أحدا وهي من قبيل مقولة دولة القانون والدستور حيث كل الأنظمة الديكتاتورية في العالم كانت تتوفر على قوانين ودساتير وبرلمانات وانتخابات حتى أن هذه البرلمانات قادرة على تعديل الدستور في أقل من ساعة حتى يكون انتخاب الرئيس دستوريا وحالة إحدى الدول العربية تفقع عين المتشككين و"الحاقدينّ..فهل سنسمح اليوم بتحول النزاهة من مطلب شعبي ديموقراطي إلى أيديولوجية تخفي العقلية الشمولية التي يحاول بعض المتنفذين في السلطة اليوم أن يسيروا بها شؤون المغاربة من خلال استراتيجية قديمة جديدة تعتمد أساسا على النخب الجديدة التي
نزلت عليها أمواج التناوب بردا وسلاما وبوأتها مكانة مرموقة في المؤسسات "المنتخبة" كرشوة سياسية في إطار استنساخ الذهنية المخزنية...
ليست كل انتخابات نزيهة انتخابات ديموقراطية؛ لكن كل نظام ديموقراطي لايمكن أن يقوم دون انتخابات نزيهة..لرفع هذا اللبس لابد من التوضيح بداية أننا لا نطرح المفهوم من الوجهة الأخلاقية أو القانونية بل من الناحية السياسية؛ تأسيسا على اعتبار مفهوم النزاهة مفهوما تاريخيا مرتبط وجوبا بالتحولات السياسية والاجتماعية التي يتطور ضمن بنيتها؛ وباعتبار هذه البنية متحولة فإنها تنعكس سلبا وإيجابا عليه؛ من هذه الزاوية نطرح مفهوم النزاهة كتجاوز للمفهوم التقليدي الذي يركز على حرية الاقتراع وربط هذه الحرية بالنصوص القانونية التي تمنح هذا الحق وتنظم ممارسته بداية من الدستور وانتهاء بالنظام الانتخابي لكل بلد؛ والواقع أن طرح مفهوم النزاهة طرحا إشكاليا يجد جذوره المعرفية والسياسية في النقاشات الأولى للبرجوازية الأوربية عقب انهيار النظام الإقطاعي وذلك عندما تم حصر "حق "التصويت والترشيح لمن يتوفرون على قدر من المال ومن دافعي الضرائب باعتبار هذه الأخيرة هي الرابطة القانونية الأساسية التي تمنح على أساسها صفة المواطنة وهوماكانت تعرفه أيضا الدول المدن في اليونان القديمة.وان كانت الأنظمة السياسية المعاصرة قد عممت الترشيح والتصويت دون ربطهما بالشروط المالية؛ بل هناك دول تجاوزت حتى المفهوم التقليدي للمواطنة الذي كان يربط آليا مابين الجنسية والمواطنة إذ أصبح من حق الأجانب التصويت؛ فان هناك العديد من الأنظمة السياسية أفرغت حق التصويت من مضمونه هذا الأخير يرتكز بالأساس على القدرة الواعية على رسم تغييرات حقيقية في الخريطة السياسية بحيث تضمن تناوبا حقيقيا مابين الاتجاهات السياسية دون تحكم من القوى الحائزة على السلطة في فترة إجراء الاقتراع وأن يتم احترام اتجاه التصويت في كل المراحل التي تتلوا تصويت الناخبين الصغار/المواطنين، المغرب وعبر تاريخ الانتخابات التي عرفها راكم الأصفار في موضوع النزاهة بالمضامين التي حللنا بها المفهوم ،و المرحلة السياسية في البلاد تستوجب المصارحة والمكاشفة وتقديم الحساب حتى لا تتحول مقولات مثل النزاهة التناوب والانتقال الديموقراطي إلى مجرد حروف صادفت بعضها لتكون مفردات لا تحمل أي مضمون سياسي أو اجتماعي أو تاريخي، إن الوضعية العامة في البلاد توقع بقوة على أن الاختلالات البنيوية لازالت قائمة ونرصدها كما يلي:
أولا: استمرار المعدلات المهولة للفقر والفوارق الاجتماعية؛ إذ تزداد هذه الفوارق بمتوالية هند سية بينما الحلول الترقيعية لتحسين الوضع الاجتماعي لازالت تعتمد استراتيجية الحملات وفق سياسة للعلاقات العامة متجاوزة بعد أحداث 16ماي؛ ونتائجها إن وجدت لا تنعكس على وضعية الفئات الواسعة من الشعب سوى بإيقاع متوالية حسابية وتقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية الذي صنف المغرب في المرتبة 125خير دليل على أن الوضعية الاجتماعية تتسم بالكارثية وأن الوضعية لا يمكن أن تستمر على هذا الحال خاصة أن البدايات الأولى لما يسمى بالتناوب بنيت على التقرير الشهير للبنك الدولي فهل سيؤخذ تقرير الأمم المتحدة بالجدية اللازمة لفتح مسار جديد يتسم بالنضج والبعد الاستراتيجي بدل الحلول التكتيكية التي تساهم في الاحتقان أكثر ما تساهم في إبداع الحلول الممكنة.
ثانيا: العودة إلى استراتيجية إفراغ المؤسسات من مضمونها السياسي والتمثيلي والتدبيري خاصة المؤسسات المنتخبة والحكومة؛ وهو ما يعتبر شكلا من التراجع العميق وغير المبرر عن المقترب العام الذي أطر تجربة ما يسمى التناوب والذي تمحور أساسا حول توسيع فضاء المشاركة في الحكم خاصة في وجه المعارضة الوطنية ما قبل مارس1998 وذلك من خلال إغراق البلاد باللجان العليا التي تتجاوز العمل الحكومي وتقزيم العمل التشريعي بتحويل البرلمان إلى غرفة للتسجيل فقط؛ خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا هي من صميم النقاش السياسي الواجب فتحه في هذا الظرف الحساس مع استثناءات أبرزها ما تعلق باللجنة الملكية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية نظرا لحساسية الموضوع والتفافا مقبولا على التداعيات الاجتماعية والسياسية للطريقة الاستعراضية التي تم بها تقديم خطة إدماج المرأة في التنمية على أهميتها.
ثالثا: الإمعان في تقديم السياسة والأحزاب السياسية في صورة مبتذلة من خلال الدفع بالنكرات من السياسيين إلى الصفوف الأولى وتسفيه التعددية الحزبية من خلال عملية التصريح الممنهج بإنشاء "أحزاب سياسية" تحت الطلب للالتفاف على نمط الاقتراع باللائحة وتحويله؛ مع فرض أكبر بقية بدل أقوى معدل وتخفيض العتبة؛ إلى المعبر الآمن إلى بلقنة الخريطة السياسية بداية من الجماعات المحلية وانتهاء بالبرلمان بغرفتيه حيث تحولت المؤسسات المنتخبة إلى سوق للنخاسة والدعارة السياسية المفضوحة والمسيئة لصورة المشروع الديموقراطي الذي نتبجح به والذي قدم الشعب المغربي وقواه الحية تضحيات جسام لتحقيقه؛ وما التحقيق الذي دعا إلى فتحه وزير العدل في موضوع شراء النواب والمستشارين من طرف بعض الفرق النيابة سوى مهزلة تضاف إلى سلسلة مهازل يحملها وطن مثخن بالجراح؛ لأن فتح التحقيق ليس هو الجواب الشافي بل تعديل جوهري للقوانين المنظمة وذلك بالإلغاء التلقائي للدائرة الانتخابية للبرلماني المعني بالأمر كما هو معمول به في فرنسا وغيرها من الدول الديموقراطية أما الانفعال المخدوم بفتح التحقيق فأمر متجاوز سياسيا وأخلاقيا في المرحلة.
رابعا: مصادرة حرية التعبير من خلال التضييق على الصحافة واعتقال الصحفيين وهو مايسيئ إلى صورة المغرب في الداخل والخارج؛ مما يجعل المغرب الرسمي في مواجهة مع العديد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحريات العامة والتي نعول عليها في قضيتنا الوطنية من خلال ما تتسم به تقاريرها من مصداقية لدى الرأي العام الدولي والمؤسسات الدولية والدول والأفراد؛ حيث ليس من المجدي أن نهلل للتقرير الشهير لمنظمة دانييل ميتران عن الوضعية المأساوية لمخيمات تيندوف وأشكال التعذيب التي يتعرض لها المحتجزون؛ ونتحول إلى إدانة هذه المنظمة إذا قدمت تقريرا يفضح وضعية الصحافيين في المغرب.
هذا من جهة من جهة ثانية ما أثير من نقاش حول تركيبة المجلس الأعلى للسمعي البصري وعن القدرة المعنوية والرمزية والتمثيلية لأعضائه على تدبير هذا الموضوع الذي لازال مبعدا من كل معادلات الإصلاح السياسي التي تستهدف مختلف المؤسسات في الدولة ؛مع العلم أن المجال الإعلامي أصبح يعرف تطورات مهولة سواء على مستوى الكم أو الكيف في المنطقة العربية وفي العالم وأن المشروع الديموقراطي في حاجة إلى وسائل إعلام مهنية مستقلة قادرة على الدفع به إلى الأمام على أن يكون هذا الإعلام رافعة إضافية وليس وسيلة في متقدمة لتكريس الجهل والأمية السياسية وعزل المجتمع تماما كما تقوم به بعض الفضائيات العربية التي تتكلم عن كل شئ باستثناء ما يجري في البلدان التي تحتضنها وتمولها وقناة الجزيرة خير مثال على دهاء بعض الأنظمة الشمولية في المنطقة فالمواطن العربي لا يعرف أي شيء مثلا عن الوضعية السياسية في هذا البلد العربي ولا يعرف درجة القمع السياسي في مقابل ذلك يمكن أن يعرف عن طريق نفس القناة فطور الرئيس الأمريكي...
خامسا: استمرارا لمؤسسات المالية الدولية على صعيد التدبير المالي والاقتصادي للدولة والذي لا يزال وفيا لضبط التوازنات الماكرو اقتصادية مع تغييب البعد السوسيو اقتصادي في وضع الميزانية العامة للدولة وهو ما يتجلى في ميزانية 2004 والتي ظلت وفية لمبدأ تقليص العجز الموازناتي في حدود 3في إطار سياق اجتماعي مضطرب مع توقع تراجع معدل النمو إلى 3 بدل 5.5 السنة الماضية2002؛إن هذه الوضعية ترتبط أيضا بتراجع عائدات الخوصصة التي تم توظيفها لسد عجز ميزانية التسيير وهوما يناقض فلسفة الخوصصة منذ البداية وهو ما سبق أن نبه إليه الكثير من المحللين الاقتصاديين.
من أهم الخلاصات الأساسية للانتخابات الجماعية الأخيرة هو ما أسماه عبد اللطيف جبرو:الانتقال من أصحاب الحال إلى أصحاب المال، وأضيف من عندي أصحاب أصحاب الحال أي الزواج الكاثوليكي الموجود دائما وأبدا مابين المال والسلطة؛ وفضيحة تطوان هي فقط الشجرة التي تخفي الغابة، فالسلطة مفسدة في الدول الديموقراطية فما بالك بأشباهها من طينتنا..
فمنذ سنوات والقوى الوطنية الديموقراطية تطالب بنزاهة الاقتراع واعتبرته لفترة طويلة من الزمن المِؤشر الأقوى على الانتقال الحقيقي لنادي الدول الديموقراطية وكنا نقول أن النزاهة بدون أفق المشاركة الحقيقية في الحكم هي فقط نكتة لا تضحك أحدا وهي من قبيل مقولة دولة القانون والدستور حيث كل الأنظمة الديكتاتورية في العالم كانت تتوفر على قوانين ودساتير وبرلمانات وانتخابات حتى أن هذه البرلمانات قادرة على تعديل الدستور في أقل من ساعة حتى يكون انتخاب الرئيس دستوريا وحالة إحدى الدول العربية تفقع عين المتشككين و"الحاقدينّ..فهل سنسمح اليوم بتحول النزاهة من مطلب شعبي ديموقراطي إلى أيديولوجية تخفي العقلية الشمولية التي يحاول بعض المتنفذين في السلطة اليوم أن يسيروا بها شؤون المغاربة من خلال استراتيجية قديمة جديدة تعتمد أساسا على النخب الجديدة التي
نزلت عليها أمواج التناوب بردا وسلاما وبوأتها مكانة مرموقة في المؤسسات "المنتخبة" كرشوة سياسية في إطار استنساخ الذهنية المخزنية...
ليست كل انتخابات نزيهة انتخابات ديموقراطية؛ لكن كل نظام ديموقراطي لايمكن أن يقوم دون انتخابات نزيهة..لرفع هذا اللبس لابد من التوضيح بداية أننا لا نطرح المفهوم من الوجهة الأخلاقية أو القانونية بل من الناحية السياسية؛ تأسيسا على اعتبار مفهوم النزاهة مفهوما تاريخيا مرتبط وجوبا بالتحولات السياسية والاجتماعية التي يتطور ضمن بنيتها؛ وباعتبار هذه البنية متحولة فإنها تنعكس سلبا وإيجابا عليه؛ من هذه الزاوية نطرح مفهوم النزاهة كتجاوز للمفهوم التقليدي الذي يركز على حرية الاقتراع وربط هذه الحرية بالنصوص القانونية التي تمنح هذا الحق وتنظم ممارسته بداية من الدستور وانتهاء بالنظام الانتخابي لكل بلد؛ والواقع أن طرح مفهوم النزاهة طرحا إشكاليا يجد جذوره المعرفية والسياسية في النقاشات الأولى للبرجوازية الأوربية عقب انهيار النظام الإقطاعي وذلك عندما تم حصر "حق "التصويت والترشيح لمن يتوفرون على قدر من المال ومن دافعي الضرائب باعتبار هذه الأخيرة هي الرابطة القانونية الأساسية التي تمنح على أساسها صفة المواطنة وهوماكانت تعرفه أيضا الدول المدن في اليونان القديمة.وان كانت الأنظمة السياسية المعاصرة قد عممت الترشيح والتصويت دون ربطهما بالشروط المالية؛ بل هناك دول تجاوزت حتى المفهوم التقليدي للمواطنة الذي كان يربط آليا مابين الجنسية والمواطنة إذ أصبح من حق الأجانب التصويت؛ فان هناك العديد من الأنظمة السياسية أفرغت حق التصويت من مضمونه هذا الأخير يرتكز بالأساس على القدرة الواعية على رسم تغييرات حقيقية في الخريطة السياسية بحيث تضمن تناوبا حقيقيا مابين الاتجاهات السياسية دون تحكم من القوى الحائزة على السلطة في فترة إجراء الاقتراع وأن يتم احترام اتجاه التصويت في كل المراحل التي تتلوا تصويت الناخبين الصغار/المواطنين، المغرب وعبر تاريخ الانتخابات التي عرفها راكم الأصفار في موضوع النزاهة بالمضامين التي حللنا بها المفهوم ،و المرحلة السياسية في البلاد تستوجب المصارحة والمكاشفة وتقديم الحساب حتى لا تتحول مقولات مثل النزاهة التناوب والانتقال الديموقراطي إلى مجرد حروف صادفت بعضها لتكون مفردات لا تحمل أي مضمون سياسي أو اجتماعي أو تاريخي، إن الوضعية العامة في البلاد توقع بقوة على أن الاختلالات البنيوية لازالت قائمة ونرصدها كما يلي:
أولا: استمرار المعدلات المهولة للفقر والفوارق الاجتماعية؛ إذ تزداد هذه الفوارق بمتوالية هند سية بينما الحلول الترقيعية لتحسين الوضع الاجتماعي لازالت تعتمد استراتيجية الحملات وفق سياسة للعلاقات العامة متجاوزة بعد أحداث 16ماي؛ ونتائجها إن وجدت لا تنعكس على وضعية الفئات الواسعة من الشعب سوى بإيقاع متوالية حسابية وتقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية الذي صنف المغرب في المرتبة 125خير دليل على أن الوضعية الاجتماعية تتسم بالكارثية وأن الوضعية لا يمكن أن تستمر على هذا الحال خاصة أن البدايات الأولى لما يسمى بالتناوب بنيت على التقرير الشهير للبنك الدولي فهل سيؤخذ تقرير الأمم المتحدة بالجدية اللازمة لفتح مسار جديد يتسم بالنضج والبعد الاستراتيجي بدل الحلول التكتيكية التي تساهم في الاحتقان أكثر ما تساهم في إبداع الحلول الممكنة.
ثانيا: العودة إلى استراتيجية إفراغ المؤسسات من مضمونها السياسي والتمثيلي والتدبيري خاصة المؤسسات المنتخبة والحكومة؛ وهو ما يعتبر شكلا من التراجع العميق وغير المبرر عن المقترب العام الذي أطر تجربة ما يسمى التناوب والذي تمحور أساسا حول توسيع فضاء المشاركة في الحكم خاصة في وجه المعارضة الوطنية ما قبل مارس1998 وذلك من خلال إغراق البلاد باللجان العليا التي تتجاوز العمل الحكومي وتقزيم العمل التشريعي بتحويل البرلمان إلى غرفة للتسجيل فقط؛ خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا هي من صميم النقاش السياسي الواجب فتحه في هذا الظرف الحساس مع استثناءات أبرزها ما تعلق باللجنة الملكية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية نظرا لحساسية الموضوع والتفافا مقبولا على التداعيات الاجتماعية والسياسية للطريقة الاستعراضية التي تم بها تقديم خطة إدماج المرأة في التنمية على أهميتها.
ثالثا: الإمعان في تقديم السياسة والأحزاب السياسية في صورة مبتذلة من خلال الدفع بالنكرات من السياسيين إلى الصفوف الأولى وتسفيه التعددية الحزبية من خلال عملية التصريح الممنهج بإنشاء "أحزاب سياسية" تحت الطلب للالتفاف على نمط الاقتراع باللائحة وتحويله؛ مع فرض أكبر بقية بدل أقوى معدل وتخفيض العتبة؛ إلى المعبر الآمن إلى بلقنة الخريطة السياسية بداية من الجماعات المحلية وانتهاء بالبرلمان بغرفتيه حيث تحولت المؤسسات المنتخبة إلى سوق للنخاسة والدعارة السياسية المفضوحة والمسيئة لصورة المشروع الديموقراطي الذي نتبجح به والذي قدم الشعب المغربي وقواه الحية تضحيات جسام لتحقيقه؛ وما التحقيق الذي دعا إلى فتحه وزير العدل في موضوع شراء النواب والمستشارين من طرف بعض الفرق النيابة سوى مهزلة تضاف إلى سلسلة مهازل يحملها وطن مثخن بالجراح؛ لأن فتح التحقيق ليس هو الجواب الشافي بل تعديل جوهري للقوانين المنظمة وذلك بالإلغاء التلقائي للدائرة الانتخابية للبرلماني المعني بالأمر كما هو معمول به في فرنسا وغيرها من الدول الديموقراطية أما الانفعال المخدوم بفتح التحقيق فأمر متجاوز سياسيا وأخلاقيا في المرحلة.
رابعا: مصادرة حرية التعبير من خلال التضييق على الصحافة واعتقال الصحفيين وهو مايسيئ إلى صورة المغرب في الداخل والخارج؛ مما يجعل المغرب الرسمي في مواجهة مع العديد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحريات العامة والتي نعول عليها في قضيتنا الوطنية من خلال ما تتسم به تقاريرها من مصداقية لدى الرأي العام الدولي والمؤسسات الدولية والدول والأفراد؛ حيث ليس من المجدي أن نهلل للتقرير الشهير لمنظمة دانييل ميتران عن الوضعية المأساوية لمخيمات تيندوف وأشكال التعذيب التي يتعرض لها المحتجزون؛ ونتحول إلى إدانة هذه المنظمة إذا قدمت تقريرا يفضح وضعية الصحافيين في المغرب.
هذا من جهة من جهة ثانية ما أثير من نقاش حول تركيبة المجلس الأعلى للسمعي البصري وعن القدرة المعنوية والرمزية والتمثيلية لأعضائه على تدبير هذا الموضوع الذي لازال مبعدا من كل معادلات الإصلاح السياسي التي تستهدف مختلف المؤسسات في الدولة ؛مع العلم أن المجال الإعلامي أصبح يعرف تطورات مهولة سواء على مستوى الكم أو الكيف في المنطقة العربية وفي العالم وأن المشروع الديموقراطي في حاجة إلى وسائل إعلام مهنية مستقلة قادرة على الدفع به إلى الأمام على أن يكون هذا الإعلام رافعة إضافية وليس وسيلة في متقدمة لتكريس الجهل والأمية السياسية وعزل المجتمع تماما كما تقوم به بعض الفضائيات العربية التي تتكلم عن كل شئ باستثناء ما يجري في البلدان التي تحتضنها وتمولها وقناة الجزيرة خير مثال على دهاء بعض الأنظمة الشمولية في المنطقة فالمواطن العربي لا يعرف أي شيء مثلا عن الوضعية السياسية في هذا البلد العربي ولا يعرف درجة القمع السياسي في مقابل ذلك يمكن أن يعرف عن طريق نفس القناة فطور الرئيس الأمريكي...
خامسا: استمرارا لمؤسسات المالية الدولية على صعيد التدبير المالي والاقتصادي للدولة والذي لا يزال وفيا لضبط التوازنات الماكرو اقتصادية مع تغييب البعد السوسيو اقتصادي في وضع الميزانية العامة للدولة وهو ما يتجلى في ميزانية 2004 والتي ظلت وفية لمبدأ تقليص العجز الموازناتي في حدود 3في إطار سياق اجتماعي مضطرب مع توقع تراجع معدل النمو إلى 3 بدل 5.5 السنة الماضية2002؛إن هذه الوضعية ترتبط أيضا بتراجع عائدات الخوصصة التي تم توظيفها لسد عجز ميزانية التسيير وهوما يناقض فلسفة الخوصصة منذ البداية وهو ما سبق أن نبه إليه الكثير من المحللين الاقتصاديين.
تعليقات